التقيت اللواء عبدالفتاح العلي مرة فقط، وكان ذلك قبل عشر سنوات، وفي مكتب اللواء المتقاعد ثابت المهنا، الوكيل السابق للمرور، محافظ العاصمة الحالي.
وقد وجدت في الرجل مثال العسكري الذي على استعداد لتنفيذ الأوامر بكفاءة. كما بينت سيرته أنه «شاغول» لا يمل ولا يكل، فالداخلية هي بيته ومكان عمله، ومنحها أفضل سنوات عمره.
اللواء عبدالفتاح هو وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون الأمن، وقد يكون الوكيل الأكثر إثارة في الفترة الأخيرة. فعدد المعجبين بأدائه يساوي تقريباً عدد من يختلفون معه. وعندما كان مديرا عاما للمرور، كان البعض يتمنى لو كان بالإمكان استنساخه.
كالكثيرين غيري، لا صداقات لي مع رجال أمن، خاصة في منطقتنا، ولكنهم في النهاية من يحافظون على أمن وطني وأمني واسرتي، ومن دونهم لا يمكن تخيل ما نحن فيه من أمان نسبي.
فلا يوجد مجتمع آمن بغير رجال أمن شرفاء. وما يجعلنا لا نعطي رجل الأمن حقه من التقدير يعود إلى ان غالبية ما يقومون به من أعمال جليلة يتم بسرية. وكأي جهاز في الدولة فإن لهم محاسنهم، كما لهم سيئاتهم، وغالبا ما يدفع الطيب ثمن ما يفعله السيئ، «فالشر يعم والخير يخص»!
اللواء العلي أحد أكثر رجال الأمن عملا، ولا يقل أداؤه عما يقوم به المخلصون في أمثال الوكيل الفهد، والعميد الحشاش واللواء المهنا واللواء معرفي، وغيرهم ممن لا علاقة لهم بالجمهور، وبالتالي من يعمل كثيرا يكون عرضة أكثر من غيره للوقوع في الخطأ، ولو جلس العلي في مكتبه لما ارتكب اي خطأ.
نؤمن كغيرنا بدولة المؤسسات، وبحكم القانون. ويتطلب الأمر أحيانا ان يكون الأمن أكثر حزما، خاصة في ظل هذا الفلتان الأخلاقي الذي نعيشه.
فحجم السكان، والوافدين بالذات من الشريحة المتواضعة المهارات، اصبح كبيرا مقارنة بما كان عليه قبل بضع سنوات. كما اصبحت فرص العمل أقل، ودخل الدولة اقل مما كان عليه قبل عام، وهذه جميعها خلقت بيئة لتزايد أعداد الجرائم وتنوعها، وبالتالي أصبح من الضروري فرض هيبة الدولة، ومحاربة المتاجرين بالبشر، وتطبيق القوانين على الجميع.
وكانت وقفة اللواء العلي الشهيرة لتنفيذ حكم إغلاق مؤسسة اعلامية مدعاة لفخر الكثيرين، فقد بيّنت أن من الممكن أن يأتي يوم نقول فيه إنه ليس هناك كبير أمام القانون.
أكتب عن العلي، وليست لي مصلحة معه، فالرجل ربما سيحال قريبا الى التقاعد، بحكم السن أو فترة الخدمة، تاركا سيرة حسنة، ويداً لم تمتد، وفق ما سمعته عنه، الى ما ليس له حق فيه.
وبالتالي، نطالب وزير الداخلية، عبر هذا العمود، بالسعي الى تعيينه، بعد تقاعده لو حصل، رئيسا للجنة إزالة التعديات على أملاك الدولة، وهي اللجنة التي نامت نومة أهل الكهف، بعد تقاعد رئيسها الفريق محمد البدر.