من يُد.ير «داعش» ويحدد تحركاته، والمسؤول عن جرائمه، يعلم جيداً أن المواجهة مع أعداء التنظيم آتية لا محالة، فلا يمكن للعالم أن يقبل بوجود مثل هذه الدولة. وبما أن مقاتليها ليس لديهم ما يخسرونه، فلا عائلة تنتظر عودتهم، ولا منصب يودون التمسك به، ولا زيادة راتب ينتظرونها، فإنهم بالتالي سيقاتلون حتى الموت، وهذا ما يجب افتراضه. وما يجب افتراضه أيضا أن الحرب معهم لن تكون تقليدية، بل ستكون شيئا آخر لم يعهده العالم من قبل. كما أن التنظيم تغلغل تماما بين الخمسة ملايين من سكان المناطق التي يسيطر عليها في سوريا والعراق، ومن الاستحالة بمكان إخراجهم منها بغارات جوية، بل يتطلب الأمر مواجهة برية وبحرية شاملة مدعومة جوا.
مهمة القضاء على «داعش» ليست مسؤولية الغرب، الذين سبق أن اتهمناهم بوقوفهم خلف «داعش»، بل هي مسؤولية الدول الإسلامية، والخليجية بالذات. فعلى هذه الدول تقع مسؤولية تكوين جيش بري ضخم مدرب جيدا ومجهز لمحاربة «داعش» واجتثاثه من جذوره، مرة وإلى الأبد، مع كل ما سيصاحب ذلك من خراب ودمار كبيرين، فالسكوت عن «داعش» وتركه لحاله سينتج عنهما خطر أكبر على الدول الإسلامية، والبشرية جمعاء بالتالي.
إن ما يقال عن عدم جدية القوى الغربية، بقيادة أميركا في محاربة والقضاء على التنظيم غير عادل. فسبق لأميركا أن اعلنت أن المهمة ليست سهلة وستستغرق سنوات عدة. وواضح أن التنظيم، مع كل ما لحق به من دمار نتيجة الغارات الجوية الغربية والروسية ومحاربة «حزب الله» وإيران والقوات اللبنانية والسورية له فلا يزال محتفظا بزخمه، حتى بعد فقد كثير من قادته.
وحيث إن التدخل الغربي ستكون نتائجه عكسية، هذا إن تم اصلا، فلا حكومة أوروبية وأميركية تود، حتى الآن، التضحية بأرواح ابنائها من أجل تخليصنا من «داعش»، وبالتالي لا يتبقى أمامنا غير الجيش العربي الإسلامي، الذي بمقدوره محاربة «داعش» على الأرض، بدعم غربي كامل، مخابراتيا وتدريبا وعتادا، وبتغطية جوية.
وحيث ان الاتفاق على تكوين مثل هذا الجيش، إن تم اصلا، سيستغرق وقتا طويلا، وليس هناك ما يضمن عدم الاختلاف على من يقوده، فإن «داعش» سيبقى بيننا وسيتجذر في الأرض أكثر، وسيصعب أكثر وأكثر القضاء عليه، وبالتالي الخيارات أمامنا قليلة جدا، وأحلاها شديد المرارة، فالحرب مكلفة جدا واقتصادات الدول العربية والإسلامية في الحضيض، والروح المعنوية في أدنى درجاتها، وبالتالي لا يتبقى لدينا إلا الدعاء.