قبل عدة أيام وفي ظل المشروع التركي المشبوه للتواجد والتأثير في المنطقة، قامت القوات المسلحة التركية بدخول العراق برفقة ما يقارب الـ ١٢ دبابة وآلية عسكرية وتمركزت في منطقة قضاء الموصل.
هذا التدخل خلّف بعده عاصفة تصريحات واتهامات عراقية رسمية وشعبية [لكن دون اي اجراء عملي يذكر] وقد اعتبر العراق هذا الخرق تعدياً تركياً سافراً على سيادته، وطالبت بغداد أنقرة بالانسحاب فوراً واحترام علاقة حسن الجوار.
فقد حدد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مدة ٤٨ ساعة لتسحب تركيا قواتها وإلا فإن كل الخيارات ستكون مفتوحة أمام العراق للرد، بالإضافة إلى قيام مجلس النواب العراقي بالموافقة والتصويت بالإجماع على قرار يدين دخول القوات العسكرية التركي الأراضي العراقية ويخوّل الحكومة الرد على هذا الاختراق.
وعلى الرغم من انتهاء المدة المحددة إلا أن الوضع بقي كما هو حتى الآن، والتعنت التركي وإصراره على البقاء يزداد يوماً بعد يوم، وهنا أصبح الجميع بانتظار الرد بالزمان والمكان الذي يحدده العراق.
لكن الأهم من كل التهديدات الرسمية الحكومية والبرلمانية، كان تصريح قادة الحشد الشعبي وإقامتهم لمؤتمر صحفي عقب التدخل التركي وقيام قائد الحشد الشعبي هادي العامري بالتعهد بتدمير الدبابات والآليات التركية، ومنذ هذا التصريح أصبح الترقب سيد الموقف، حيث اعتبر ذلك التهديد الأخطر على تركيا منذ بداية الأحداث.
وحسب توقعات المراقبين والمتابعين فإنه من المتوقع أن يحصل أي تحرك ميداني عراقي بعد تاريخ ١٢ ديسمبر، وهو اليوم الذي تم تحديده لانطلاق أضخم مسيرة على مستوى العراق رفضاً للغزو التركي تحت شعار “تظاهرة السيادة” اللتي دعت لها أغلب التيارات والأحزاب العراقية.
سنتطرق هنا لعدة آراء وردود أفعال -مستغرَبة- نشرها الشارع المتعاطف مع تركيا ونفندها:
١- برر البعض دخول تركيا بأن الحكومة العراقية المركزية هي من دعتهم إلى ذلك بطلب رسمي [كما إدعت تركيا ذلك رسميا]، لكن تم نفي ذلك بشدة من قبل رئيس الحكومة العراقية واعتبره كذباً محض.
٢- يقول البعض أن الدخول التركي أتى بدعوة من رئيس وحكومة إقليم كردستان لمواجهة خطر داعش، وهذا الأمر ليس مبررا لتركيا لخرق سيادة الدولة العراقية، حيث أن قرارات مثل هذه يجب أن يتم اتخاذها من قبل الحكومة العراقية المركزية لا من قبل حكومة الإقليم !.
٣- يبرر البعض الآخر دخول تركيا للعراق بأن إيران قد تدخلت قبلها، فإذا أرادت بغداد طرد أنقرة فيجب أن تطرد طهران قبلها !! وهذه الحجة مضحكة بالفعل! فلا يوجد وجه مقارنة بين الأمرين؛ حيث أن إيران أرسلت عددا من المستشارين لمواجهة داعش في العراق بطلب رسمي من الدولة العراقية ووفق اتفاق مسبق بين البلدين، بينما نجد أن تركيا دخلت العراق بآلياتها وجنودها في وقت متأخر من الليل من دون إذن عراقي رسمي ورغما عن إرادة الحكومة العراقية التي تمثل إرادة الشعب العراقي!. لذلك لسنا نبالغ حين نقول أن تركيا دخلت العراق كمحتل رغما عن إرادة الشعب، بينما دخلت إيران كحليف وصديق للمساعدة وبطلب رسمي من جهة رسمية تمثل إرادة الشعب.
أما على مستوى الرد العراقي فكيف وأين ومتى سيكون ؟! حسب بعض المحللين فإن الرد الرسمي العراقي ليس محصوراً بالرد العسكري، بل لدى الحكومة العراقية عدة خيارات ستتخذ منها الخيار التي تراه مناسباً، منها الخيار الاقتصادي والخيار السياسي عبر اللجوء الى مجلس الأمن الدولي وغيرها، فكل الخيارات أصبحت الآن مفتوحة أمام العراق للحفاظ على سيادته.
ختاماً أقول: إن هذا الخرق التركي لسيادة العراق يأتي بعد أيام من حادثة إسقاط تركيا لطائرة روسية بحجة خرقها السيادة التركية وعبور مجالها الجوي، وجميعنا رأى ما أعقب ذلك من تحرك وضغط اقتصادي روسي عاد سلبا على تركيا، وكما كان لحادثة إسقاط الطائرة تأثيرا سلبي على تركيا، فإن اختراقها لسيادة العراق سيعود عليها بالسلب أيضا من دون شك.