المعركة الكروية التي شهدتها الساحة الرياضية خارج الملعب وبعد مباراة فريقي الجهراء وخيطان في مسابقة كأس سمو ولي العهد لم تكن ولن تكون آخر المطاف في المهازل الرياضية المتعاقبة، رغم الحالة المزرية لمشاهد الاعتداء على حكام المباراة التي لا تسيء إلى سمعة الكويت، وإنما إلى أهلها وتاريخها الرياضي الذي لم يتبق منه شيء!
بالتأكيد ندعو إلى أن يأخذ القانون مجراه ويحاسب المخطئ وتفعّل اللوائح الإدارية من قبل الاتحاد الكويتي للكرة، ولكن المشهد بحد ذاته بحاجة إلى وقفة للتأمل والمراجعة، فمن جهة لعلّ عدد الذين نزلوا “الهوشة” كان أكبر من حجم الجمهور الذي حضر المباراة في دلالة على عزوف الناس عن الحضور إلى الملاعب وتشجيع الرياضة مقارنة بانطلاقتها في بداية ستينيات القرن الماضي، حيث كانت الملاعب تغص بالجمهور الواقف خلف الشباك الحديدية المحاطة بالملعب، سواء في الحر الشديد أو البرد القارس.
نعم نتحسر على ذلك الزمان الجميل عندما كان اللاعبون يتمتعون باللياقة العالية طوال الموسم ويستمر عطاؤهم في الأندية وأعمارهم قد شارفت على الأربعين رغم تواضع المعدات الطبية والأجهزة الرياضية الحديثة وغياب الفيتامينات والبروتينات الصناعية، وحتى الأرض التي يلعبون عليها من التراب الخشن دون أي مردود مادي أو انتقالات موسمية أو أضواء إعلامية، ومع ذلك وصلت رياضتنا إلى مستوى النجومية والإبداع الفني!
نتحسر أيضاً على الرياضة المخلصة التي لم يكن ينظمها قانون أو لوائح بل العرف الذي تحول إلى التزام واحترام أضفى عليها الهيبة والشرف والأخلاق، بعكس ما نشاهده اليوم من القوانين واللوائح التي تتقاذفها يد السياسة والمصالح ولا تطبق على مسطرة العدالة والمساواة، حتى ضاعت هذه الرياضية وأوقفت رسمياً على الصعيد الخارجي، وبقاياها في الداخل تشوه بفعل الأخلاق الشائنة التي شهدنا جانباً منها.
الرياضة تبقى في النهاية أحد مؤشرات التنمية والإدارة الحكومية إذا ما ارتقت وتطورت، أما إذا وصلت إلى الحضيض فهذا انعكاس واقعي أيضاً للحالة العامة في الدولة عندما يتراجع فيها كل شيء، سواء على مستوى الأداء السياسي أو الإنتاج الاقتصادي أو الثقافة المجتمعية، فمشهد معركة مباراة الجهراء وخيطان هو نفس المشهد الذي يهيمن على البلد، ولكن في ملاعب مختلفة وعلى يد أشخاص آخرين، فلا حول ولا قوة إلا بالله!