خنقتني العبرة وأنا أقرأ تصريحات وزير الإعلام، الشيخ سلمان الحمود، الذي يعتبر الكلمة كالقنبلة، سيم سيم، يجب أن يحال كل من يتعامل معها إلى نيابة أمن الدولة. خنقتني العبرة وأنا أقرأ حديثه الذي قاله في مؤتمر “هاشتاق الكويت” عن حرية الرأي وشفافية الحكومة مع الشعب. خنقتني العبرة وأنا أحاول حصر عدد القضايا التي رفعَتها وزارته عليّ وعلى برنامجي التلفزيوني الذي كنت أقدمه. خنقتني العبرة وأنا أتذكر مشاويري والكعب الداير ما بين غرف التحقيقات وقاعات المحاكم.
خنقتني العبرة وأنا أتذكر كيف كانت وزارة الإعلام تفرّغ مجموعة من موظفيها لمتابعة برنامجي وتفريغه كتابة، والبحث عن سطر أو كلمة أو حرف فيه لتنسج حوله قضية أمن دولة. خنقتني العبرة وأنا أتذكر، أثناء ظهوري على الهواء مباشرة، أن عليّ أن أداعب المفردات والمعاني بمهارة، في حقلٍ من الألغام، لأن هناك من يرصد ويترصد، بحثاً عن زلة، أو إيماءة، يركض بها، فرِحاً، لمسؤوليه، كي يحظى بترقية، أو كتاب شكر، أو حتى كلمة ثناء.
خنقتني العبرة وأنا أتذكر عدد القضايا التي رفعتها وزارة الإعلام، وحفظتها النيابة لكيديتها. خنقتني العبرة وأنا أتذكر حيثيات الأحكام التي صدرت ببراءتي وتؤكد حرية الرأي.
مفردات كلمة وزير الإعلام أحرجت المسؤولين الإسكندنافيين، في السويد والنرويج وجاراتهما، وأخجلتهم. وإذا كانت تصريحات بعض المسؤولين توجب عليك أن تعدّل جلستك، أو تستدني القلم، فإن تصريح معالي الوزير يتطلب موسيقى هادئة أثناء قراءته، وعلبة مناديل، وشموعاً، وعصفورين ملونين.
يااااه على هذه المفردات الرقيقة. يااااه على احترام آدمية المواطنين الذي تجلى في تصريحه. يااااه على وزير الإعلام الذي في عهده سجلت قضايا الرأي المرفوعة من وزارته رقماً أولمبياً يصعب كسره.
يااااه على تصريح وزير الإعلام الذي تهاوت الحريات في معارض الكتاب، في عهده، إلى المستوى الأخير بين دول الخليج، بشهادة أحد الناشرين الخليجيين، الأستاذ نواف القديمي. يااااه على هذا المؤتمر الوردي الحريري الناعم. يااااه على كل هذه الحرية التي تغمر فضاءات الكويت وفضائياتها. ومن يشكك في مساحات الحرية في الكويت، فلينظر إلى نبيل الفضل، الذي يشتم من شاء، في أي وقت شاء، ولم يحاسَب. حرية يا حبيبي حرية.