لابد من أن نميز بين حالة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وحالة اللااستقرار والفوضى، ومن هذا المنطلق علينا أن نحدد كبلد أو كخليجيين مواقفنا بعيدا عن العواطف والترضيات السياسية لأي جهة مندفعة خاصة في هذه الفوضى كي نقفز من حفرة النار بأمن وسلام لاسيما في ساحة لعبة الكبار المتمثلة في تحالفات القوى العالمية والإقليمية والتي جميعها تدفع في تصريحاتها نحو محاربة الإرهاب إلا أن الحقيقة على أرض المعركة بدأت تنكشف بأن الداعم الحقيقي للإرهاب هو الذراع الأقوى في هذا السيناريو!
لو جئنا مثلا لأقوى قوة في العالم والتي تتمثل في الولايات المتحدة الأميركية، سنجد مواقفها غير ثابتة وتتغير حسب المعطيات والظروف والتحولات، وفي النهاية تحكمهم مصالح ووجود بالمنطقة ويتعاملون مع مصالحهم في كل زوايا العالم بمهارة حتى يتم تحقيقها من دون مراعاة لأي صديق قدم لهم الولاء المطلق، وفي سياستهم هم لا يؤمنون بالحليف الدائم فمتى ما اقتضت الضرورة من اجل مصالحهم قد يصبح هذا الحليف مؤقتا وقد يتحول الى عدو غير معلن عنه، فالسياسة الأميركية تتعامل بعدة اوجه منها «الطيب والسيئ والقبيح» وهذه ما تعلنه مواقفهم وحتى افلامهم السينمائية تشير الى هذا التعامل.
فماذا نريد من هذا القول؟!.. لابد ان نتعامل مع الواقع السياسي في المنطقة على هذا المبدأ ونعرف نحن الخليجيين اين موقعنا الحقيقي من الحليف الأميركي؟! وهل ما زلنا حلفاء حقيقيين ام اننا اصبحنا في خانة الحليف المؤقت حسب المنظور السياسي القبيح، الأمر الذي قد يجعلنا في دوامة في علاقاتنا الجديدة وتعاملنا الحذر مع المعسكر الجديد والمتمثل في المعسكر الروسي خوفا من الغضب الأميركي خاصة ان اللعبة باتت معقدة في المنطقة والدخول في أبوابها من دون مناظير سياسية دقيقة قد تحملنا أعباء جسيمة ما لم نحسن التصرف لان زمن الطيب ولى.
ففي ظل هذه الظروف لا ينبغي ان نتعامل في سياستنا الخارجية على اساس الصداقات بقدر ما ان الواقع يفرض علينا ان نتعامل حسب المصالح وحسب ميزان القوى التي قد تمنح أوطاننا الأمن والأمان، لابد من مراجعة علاقاتنا مع المعسكر المعتق خاصة بعد ان تجاوزنا موجة الربيع الدموي المسمى بالربيع العربي والذي جاء بدعم سيئ من قبل حليفنا الرئيسي، وهذا ما اشارت اليه هيلاري كلينتون في كتابها «الخيرات الصعبة».
اذا خلاصة القول، علينا ان نجزم بأننا مهددون بما يسمى بالإرهاب من جماعات متطرفة مدعومة من قوى عالمية متى ما ارادت لنا السوء تم تحريكهم نحونا، فالأهم اليوم هو تحصين الجبهة الداخلية مع اعادة النظر في مواقفنا نحو ما يحدث في منطقتنا، فإعادة الحسابات في ظل هذه المتغيرات بات امرا ضروريا ومن لا يعي ذلك فلن يفهم بأن السياسة فن الممكن، ونحن اليوم بحاجة الى هذا الفن كي نتجاوز الصعاب.