هو واقع مفروض علينا، ولم أجد له أي حل، وقد يسعفني القراء بحل، وأعني هنا القتل والتفجير والترويع باسم الدين الإسلامي.
لا أعتقد أبداً أن من يمارس تلك الأعمال يعتقد أنه يرتكب جرماً أو فعلاً شنيعاً، بل في تصوره أنه يطبق تعاليم الدين، فمن يدعو أو يعتقد أنه يدعو إلى الالتزام بالدين لن يرتكب أمراً محرماً، فكل ما يمارسه سيكون من صلب الشريعة برأيه واعتقاده.
هناك الآلاف من المراجع والكتب والتفاسير للنصوص القرآنية والأحاديث والتاريخ، كلها تقدم صوراً قد لا يتسق بعضها مع بعض، بل قد تكون متناقضة أيضاً، إلا أنها تبقى مراجع يستطيع أي متلقٍّ الأخذ منها، حتى وإن اعتبر المصدر الذي يستقون منه الأحكام ضعيفاً لدى مجموعة باحثين في الدين، فقد يكون نفس المصدر هو أكثر المصادر صحة لدى باحثين آخرين في نفس الدين.
وهنا تكمن المعضلة التي لا أجد لها حلاً، فكيف سيقتنع أي شخص ينتمي إلى تنظيمات تتخذ من القتل أسلوباً لها أنه لا يمثل الدين السليم، فهو يعتقد أن ما يمارس في الدول الإسلامية ليس الدين السليم، بل ما تنتهجه جماعته هو الدين الفعلي وله من المراجع والمصادر والباحثين الدينيين ما يؤيد كلامه ويعزز موقفه، وما يجعله يعتقد بصواب رأيه هو تغير الخطاب الديني في الدول الإسلامية أحياناً وفقاً للظروف السياسية والإقليمية، فقد يكون الخطاب والدعاء الديني قبل 11 سبتمبر لدى بعض الدول الإسلامية قائماً على الدعاء بتشتيت شمل الكفار وانتصار المسلمين عليهم وقتلهم، إلا أن هذا الدعاء يُحذَف بعد أي حدث تدميري ترتكبه الجماعات الإسلامية هنا وهناك، وهو ما قد يجعل أي إنسان يستغرب من تغير الخطاب، فهل يتغير الدين وفق الأحداث السياسية ومواقف الدول بعضها تجاه بعض؟! وهو الأمر الذي قد يجعل البعض يلجأ إلى المجاميع ذات الخطاب الديني الثابت، حتى وإن كان الخطاب الثابت هذا قاتلاً ومدمراً.
أكرر: لا أملك الحل ولا أعرف كيف من الممكن أن يتحول الدين لدى كل معتنقيه إلى سلام وتعايش وإخاء بين الجميع، فهو أمر مستحيل لأن الآراء الدينية لن تتفق، وهو ما يعني استمرارية هذا الرعب الذي نعيشه ويعيشه العالم أجمع بسبب تعدد التفاسير والمنطلقات الدينية المتنوعة.
أكتب هذا المقال كتفكير بصوت عال، فقد يسعفني قارئ بحل واقعي أتشبت بأواصر أمله وأسعى إلى نشره وتطبيقه، فإن لم أصل إلى ذلك فسيكفيني مشاركتي لكم في هذا الهاجس.
خارج نطاق التغطية:
يستنكر البعض التفاعل العالمي الكبير مع ما حدث في باريس إذا ما قورن مع أحداث غيرها في محيطنا كسورية والعراق ولبنان، ولا أجد مبرراً منطقياً لهذا الاستنكار، فما حدث في باريس هو أمر استثنائي بالنسبة للعالم، وعادة فإن ما يشذ عن القاعدة يلفت الأنظار، أما ما يحدث في سورية والعراق ولبنان فدمارها أصبح عادة لم تعد تجذب الانتباه.