طاقة هائلة، بل وربما خلاقة، تلك التي نبددها نحن أهل الكويت في «تحلطمنا»، أي «تذمرنا» من الأوضاع وما آل إليه البلد من انحدار وتراجع في كل المجالات من دون استثناء. فرئيس الحكومة ورئيس البرلمان يتذمران، والوزراء يتذمرون، والنواب يتذمرون، وأصحاب القرار والمسؤولون يتذمرون، والموظف يتذمر، والطالب يتذمر، والمواطن يتذمر! والسؤال: من بقي ليحدث التغيير والإصلاح؟ وإلى متى يستمر مسلسل التحلطم والتذمر؟
أدرك أن مؤسساتنا السياسية نخرها الفساد، كما أدرك أن القيم والإخلاق والذوق العام تردت، وأدرك أيضا أن التعليم والصحة والخدمات العامة صارت هشة، وأدرك تماما أن الجدية في العمل مفقودة، والأنانية والشخصانية والثراء السريع تغلبت على الحس الوطني!
ولكنني أدرك ما هو أهم من ذلك كله، ألا وهو أننا أهدرنا طاقات هائلة وخلاقة في دوامة التذمر، وهو ما أورث تراثاً من التكاسل والإحباط والانخراط في مسارات اللامبالاة، وهو ما أضاع البلد وأدخله في متاهة التقهقر!
ولذا، فبالرغم من التشاؤم وتزايد طوابير المتذمرين والمستفيدين من ذلك، فإنني أرى ملامح تغيير متاح، متى ما تم توظيف طاقات التذمر المهدرة وتحويلها إلى طاقات إيجابية لتحقيق الإنجاز، ولا يحتاج أحدنا الى أن يكون وزيراً ليحقق ذلك، ولا يتطلب الأمر أن تصبح من أصحاب القرار لتنجز، ولا من أصحاب رؤوس الأموال حتى تساهم، ولا من الشخصيات السياسية لتقوم بالمهمة، ولا من أصحاب النفوذ أو المصالح لتحدث التغيير، بل فقط ان تكون مواطناً صالحاً وغيوراً، وأن تتكاتف مع غيرك من أمثالك ممن يحمل هم الوطن، فلو فشل الوزير والنائب وأصحاب القرار والتجار والمتنفذون في تحقيق ذلك، لوجدنا ان السبب هو أن الوطن ربما لم يعد همهم ولا أولويتهم، ولا موقع له في تفكيرهم وبرامجهم، ولذا فهم قد يكونون غير مؤهلين لإحداث الإنجاز، ويتدافعون في طوابير التحلطم والتذمر.
إن برنامج سواعد، الذي يدعوك بمواطنيتك وبقدراتك وتطوعك للانضمام إليه تحت شعار «ساهم ويانا ألحين علشان ديرتنا».. سواعد، يسعى الى تحشيد الطاقات الوطنية الكامنة للنهوض بالمسؤولية الوطنية بحس وطني صادق، صار مدركاً أن البلد يحتاج الى تغيير يبدأ من المواطن لا من أي موقع آخر، وهو أساس بناء الوطن وتحفيز مقدراته، لتتحول طاقات التذمر المهدرة إلى موجات من الإنجازات الممكنة، فهلموا معنا لنعبر نفق التذمر المعتم المثبط لكل طاقة، ولنتجه الى الميدان المضيء الفسيح للإنجاز والنهوض بالوطن. وليكن يقيننا بقول الله جل شأنه: «إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم» صدق الله العظيم.