كثيرون هم من تحدثوا عن أسباب إغلاق جريدة الوطن، منهم من رأى أن الاغلاق جاء كقرار سياسي وعقوبة لإرضاء البعض، وآخرون أكدوا أن الإغلاق جاء قانونيا من قبل وزارة التجارة على خلفية قرار خفض رأسمال الشركة.
عندما سمعت عدة آراء في هذا الشأن، وددت أن أتحدث عن أمر أهم من خلاف الرأي بشأن صحة اغلاق الصحيفة من عدمها.
للأمانة حادثة اغلاق الصحيفة كشفت أقنعة البعض من الذين كانوا يتشدقون بحرية الرأي واحترام الاختلاف في التوجهات السياسية، فمجرد سماعهم عن خبر إغلاق الصحيفة «طاروا من الفرحة» وكانت فرحتهم شبيهة بفرح فتاة في يوم زفافها على فارس أحلامها.. وهنا يقع الخلل الفكري والتناقض.
حتى نكون منصفين علينا أن نتحدث بكل موضوعية.. كل صحيفة لها توجهات وسياسات معينة لا تحيد عنها لأسباب كثيرة، وقد نختلف مع توجهات بعض الصحف التي لا ترضي رغباتنا الشخصية ومواقفنا أحيانا، فمن الإنصاف أن نفهم معنى الصحافة ونرى حقيقة الشكل العام للصحيفة الذي دائما ما يظهر معدنها ومواقفها الوطنية إبان الأزمات التي تمر على البلاد، والمصلحة العامة هي أهم من رغباتنا سواء كانت شخصية أو طائفية أو قبلية، ولا يمكن أن نجحد وإن اختلفنا معها أن صحيفة «الوطن» لها مواقف شجاعة أشهر من أن تسطر بأقلامنا، وإذا أردنا أن نستذكر أيام «كادت أن تضيع»، اعتقد أن موقفها الكل يدركه جيدا.
هذا لا يعني أنني أتفق مع كل ما تطرحه الصحيفة من قضايا ومواقف، فهي حالها حال غيرها من الصحف نتفق ونختلف معها، مادام الظروف السياسية تتغير وهذا أمر طبيعي في عالم السياسة لا يدركه السطحيون في العمل السياسي.
تقييم أي صحيفة ليس ثابتا، فالمواقف تتغير حسب الأحداث والظروف التي تمر في دروب السياسة، ولا يمكن أن نستطيع تقييم أي صحيفة حسب أهواء شخصية تتمثل بتوجه طائفي أو فئوي أو قبلي، وللأسف وأقولها وأكررها للأسف، بأن كل من فرح بالإغلاق صحيفة الوطن وجدت في نفوسهم دوافع جاءت لأسباب طائفية ومنهم لأسباب قبلية ومنهم عشاق تبع لشخصيات سياسية انتقدتهم الصحيفة يوما ما نتيجة مواقف سياسية معينة.
بغض النظر عن احترامك أو عدمه لأي وسيلة إعلامية محلية، عليك أن تدرك أن الإعلام المسؤول الذي لا يخرج عن نطاق النقد البناء هو صوت المواطن البسيط الذي لا يملك ألا صوته في فوضى المصالح، فلا تفرح لإغلاق صحيفة محلية وإن كانت لا تشبع رغباتك الشخصية.
من حقك أن تنتقد الصحيفة او ترفض ما فيها من مواقف سياسية، لكن لا يصل الأمر إلى أن نرى البهجة في عيونكم في إغلاق صحيفة قد تعبر يوما ما عن مظلوميتك إذا وجدت كل الأبواب مغلقة في وجهك.
٭ موقف رمادي: موقف مجلس الأمة إزاء إغلاق صحيفة الوطن رمادي مضحك، بعض النواب اكتفوا بالتصريحات التي لا تغني ولا تسمن من جوع