كانت المرة الأولى التي تطأ فيها قدماي سوق الغنم في الأسبوع الماضي عندما دعاني صديق إلى العشاء في «شاليهه» الخاص ثم طلب مني أن أشتري له خروفا «على طريقتي».
ذهبت إلى هناك، وما أن أوقفت سيارتي حتى هجم عليَّ ثلاثة أشخاص أقصرهم بارتفاع بوابة السور القديمة، ولهم ملامح غريبة تؤكد بأن لهم جذورا مع أرض «جاليفر» في بلاد العمالقة.
عرض عليَّ الأول أن أشتري من خرافه، احتج الثاني ثم شدني من دشداشتي قائلا إن خرافه هي الأفضل، أما الثالث فقد عبس في وجهيهما ثم تجشأ بصورة مرعبة وزأر بصوت حاد تأكد لي من خلاله بأن خرافه هي الأفضل. حاولت أن أقنع الثلاثة برغبتي في رؤية الجميع واحدا تلو الآخر، فوافقوا، وبعد جولة قصيرة تبين لي أن خرافهم أكثر ذكاء منهم!
قال لي الأول إن لديه خرفانا من الصين، فاستغربت ذلك وسألته إن كان لديه جنسيات أخرى فقال روماني، فرفضتهما معا لأن لهما «أذنابا» تتصل بالولايات المتحدة الأميركية منذ عهد الانفتاح الصيني وتحويل بوخارست إلى جادة الاستسلام العربي تجاه إسرائيل.
وأنا أتابع «ذيول» الخرفان و«رؤوسها» اقترب مني شخص ظهر وكأنه «عايش بين عميان» وهو يتمتم بكلمات خافتة مفادها أنه قصاب يرغب في نحر ذبيحتي المشتراة.
فقلت له إنني لم اخترها بعد، فجاء آخر، ينافسه، وصرخ في وجهه متهما إياه بـ«المسيحية»، ثم استدار إليَّ وفتح فما يشبه التنور وهو يقول: «هذا مسيحي، شلون يذبح خروفك؟» فاستعذت بالله.
واحتفظت بهدوئي إذ أن هذا الأحمق لا يعرف أن هناك «خروفا صينيا» يقبع هادئا في انتظار من يشتريه ثم يذبحه. وبعد جولة قصيرة بين الأغنام قررت أن أشتري أفضل الخراف قاطبة ألا وهو.. العربي!