يقول المحلل الاقتصادي نوريل روبيني Nouriel Roubini، الذي سبق أن حذّر من كارثة 2008 في مقال له تم تداوله أخيراً على نطاق ضيق، إنه من بين كل المخاطر الجغرافية السياسية، ليس هناك خطر أكبر من قوس عدم الاستقرار الذي يمتد من المغرب، في الشمال الغربي، وحتى الحدود الأفغانية الباكستانية في الجنوب الشرقي! كما أن العنف والتوحش في الشمال الأفريقي بدآ يتمددان لشبه الصحراء الأفريقية، التي أصبحت تقريباً في قبضة «الجهاديين»، وهذه المنطقة الشاسعة من أفريقيا تعتبر الأكثر فقراً في العالم وشحاً في الموارد. فالحرب الأهلية تدور حالياً في ليبيا، كما في سوريا والعراق والصومال. كما هذه الحروب أصبحت تؤثر في دول كانت مستقرة وآمنة. فموجات الهجرة الجماعية أصبحت تشكل تهديداً للأردن ولبنان وحتى لتركيا، التي أصبحت أكثر ميلاً للحكم الفردي. ويعتقد روبيني أن الغرب مخطئ في ظنه أن الوضع المضطرب في هذه الدول لن يؤثر فيه، ولن يدفع بأسعار النفط ثانية إلى مستويات غير مقبولة مستقبلاً، مما سيؤثر في الاقتصاد العالمي، كما حدث في بداية سبعينات القرن الماضي.
فهذه الحروب قد تؤدي في مرحلة ما إلى عرقلة تصدير النفط. كما أن ملايين المهاجرين للدول الأوروبية الغنية سيؤثرون سلباً في اقتصاداتها. كما أن إطالة أمد معاناة ملايين الشباب العرب، من فاقدي الأمل والعمل، ستخلق من بعضهم وقوداً ومصدراً للحركات الجهادية التي تميل بشدة لوضع اللوم على الغرب لما تعانيه الجماهير العربية من يأس، وان بعض هؤلاء سيجدون طريقهم للغرب ليقوموا بعمليات جهادية انتقامية هناك.
ولا ننسى هنا بطبيعة الحال ما تعانيه اقتصادات دول كالصين وروسيا والبرازيل من مشاكل.
وفي السياق نفسه تقريباً، ذكر الباحث والأكاديمي المصري الألماني حامد عبدالصمد في كتاب صدر عام 2010 بعنوان «سقوط العالم الإسلامي» أن حجم المأساة التي تنتظر العالم الإسلامي خلال السنوات الثلاثين المقبلة قريب من الكارثة، وتوقع وقتها انهيار هذه الدول مع شحّ آبار البترول، واتساع فسحات التصحّر واجتياح الجفاف لما بقي من أراض زراعية وغابات خضراء، واشتداد حدة النزاعات الطائفية والعرقية والاقتصادية المزمنة والقائمة حالياً. كما سيرافق ذلك أكبر حركة نزوح سكانية للشعوب الإسلامية نحو الغرب، خصوصاً نحو أوروبا. وتوقع الكاتب عبدالصمد بلوغ هذا الانهيار ذروة الشيخوخة والانحلال في العقدين المقبلين، إن لم تحدث معجزة خارقة تنقذه من الموت المحتّم، نتيجة انعدام وجود اقتصادات خلّاقة، وغياب أي نظام تربوي فعّال، وانحسار أي إبداع فكري بنّاء.
كما بيّن المؤلف في كتابه عجز الدول الإسلامية عن المشاركة في عملية تلاقح الحضارات كلها مع بعضها، بل بقت متحجرة منغلقة، مع استمرار وصف الغرب بالكفر، واستمرارها في التهام كل منتجاته.
كل هذا يجري حولنا، ولا نزال نؤسس المزيد من الهيئات ونصرف الأكثر على الفارغ من المشاريع.