مشهد جديد يوضح لنا أكثر قيمة الوطن العربي من زاوية ومن يحكمونه من زوايا اخرى ، هذا المشهد ألمه أشد من آلامنا الكثيرة في هذا القرن ، إنه ألم الإستعباد بلمسات اللطف المصطنع ، والحرص المُستغرب .
لم نختر أميركا أو اوروبا قضاة كي يحكموا بيننا ، بل من الطبيعي أن نرفض تدخلهم المزعج المتكرر ، أولاً لأننا كما ندعي ونعلّم أجيالنا أننا جسد واحد وثانياً نحن أمة صاحبة حضارة وصاحب حضارة مثلنا حري به أن يكون صاحب قرار لا صاحب طلب ورجاء من دول تريد الفتك به عند أول فرصة تقع بحضنه ( وفي الحقيقة نحن وما لدينا سقطنا وتساقطنا بأحضانهم متلهفين ) للأسف .
نحن أُمة أصبحنا كالحر الذي ورث كل شيء ما عدا سيادته فصار عبد مملوكاً ، لذلك ينظر إلينا بطمع ، كل تخاصم بيننا نحكّم به من يقهرنا ويبطش بنا ، يحكم بيننا بعيداً عن أصل القضية يحكم فقط ليثبت تواجده ، يحكم كي يأكلنا ويأكل ثرواتنا وهو بذلك متفضل علينا هكذا يريدنا أن نراها .
يا أصحاب الحضارة هم لا يريدونكم بل يريدون ما عندكم ، فلا تغتروا بإحتفائهم لكم وتسميتهم إياكم بالحلفاء ، فلا يصدق القول أو يكذبه إلا الأفعال ، فتمعنوا بأفعالهم وجرأتهم
المؤذية ، كي تعرفوا قيمتكم عندهم كأمة وحضارة .
في هذا العصر ضعفك هو من يجعل القوي يستخدمك ويفرض سلطته عليك ، سواء برضاك أو بسكوتك ( ولم أقل رفضك فالضعيف لا يرفض ! فقط يصمت أو يطأطأ رأسه متمتماً بالموافقة ) ، وهو أيضاً ما يفقدك إحترام رعاياك لك ، وهذا الضعف هو من صنيعتك فلا تستغرب !
إن القوة ليست ماء ينزل من السماء ، بل هي هيبة يصنعها من يريدها كي يتمثل بها أمام أقرانه ، القوة هي أول خطوات الإستقلال ، فالمؤمن القوي خير واحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، وأيضاً قوي خسارته ممكنة أفضل من ضعيف ربحه محقق وهذا طريق الأحرار النبلاء .
الأوطان تستمد قوتها من أبنائها ومواطنيها من حكّام ومحكومين ، ثم إن الحكّام يستمدون هذه القوة مِن مٓن يحكمونهم ، فالبيت لا قيمة له من غير أهله ، لذلك على من يريد أن يتحلى بالقوة أن يعرف طريقها وان لم يستطع فليصنع لها طريقاً يسمو به ويفرض احترامه واحترام شعبه من خلاله .
هذا كله يجعلنا أن نقر بأننا حتى الآن نذخر الضعف لأبنائنا كتركة للأسف ، إنها غفلة لا بد وأن ننهض منها قبل فوات الأوان .
ما بعد النقطة:
الغريب ليس إستضعافك ؛ بل كل الغرابة كونك صاحب ثروة ومستضعف !