لم ولن تتحرك شعرة واحدة في جسد وزارة الإعلام كرد فعل على خبر الجريدة يوم الخميس الماضي بأن هناك 2000 موظف في الوزارة قدموا طلبات إجازات، مع أنهم مقدما في إجازات مفتوحة على الطريقة الكويتية، بعد قرار الوزارة تطبيق نظام البصمة في الدوام.
شر البلية ما يضحك، ولكن ليس هناك ما يضحك مع “بلاوي” الإدارة في الدولة وفسادها في مثل ظروف الدولة الاقتصادية السيئة الآن، سمعت شكوى من أحد هؤلاء “العاطلين، العاملين” بالوزارة يقول “كيف نلتزم بالدوام إذا لا توجد، أساساً، مكاتب لنا بالوزارة ولا مواقف نركن سياراتنا فيها”! أيضاً هذا تحصيل حاصل، فحتى لو وفرت الوزارة المكاتب والمواقف فسيظل الشباب بلا عمل، مجرد وظيفة للراتب دون عمل، أجر دون مقابل، يمثل حالة طبيعية في إدارة غير طبيعية، حالة تمثل عينة بسيطة لبقية مؤسسات الدولة من غير استثناء.
تعيينات، وتعيينات في الوزارات بصرف النظر عن المؤهلات المطلوبة أو الحاجة لها، تعيين بالمطلق وحصانة من المساءلة للموظف غير الملتزم حامل الجنسية، ولو كانت جنسيته معرضة للسحب حسب مزاج السلطة من انتماء المواطن الموظف السياسي، وحصانة غير قابلة للزحزحة بالعزل من الوظيفة العامة طالما أن كرت الجنسية الكويتية القلقة بجيب صاحبها، وخلق كوادر ثم كوادر من غير نهاية، ليس في وزارة الإعلام فقط، بل في كل مؤسسات الدولة! وضع شاذ في دولة شذت عن معايير العمل والجهد مقابل الثروة، يحقق التوزيع “العادل” للثروة النفطية الريعية مثلما تفهم وتفسر كلمة “العدالة” في الثقافة الضحلة لإدارات الدولة الثابتة من لحظة ولادة الدولة وحتى الآن.
ثابتة في أيام البحبوحة المالية ورواج بسلعة النفط، وثابتة في العسر وسقوط سعر سلعة النفط… لا شيء يتغير ولا أمر يتبدل، زواج كاثوليكي بين الإدارة والفساد غير قابل للطلاق. العقل السياسي العظيم المدير للخبيصة الكويتية، راسخ في مكانه كجبل لا تهزه رياح التغيير، ولو كانت تلك الرياح عواصف اقتصادية تقلب الدولة رأساً على عقب.
الكلام ليس قاصراً على وزارة الرقابة على أي كلمة وأي همسة مطبوعة في مجلة أو رواية، الكلام ليس محدداً بوزارة كل همومها هذه الأيام تفريخ مشاريع وتشريعات تصادر ما تبقى من حريات الضمير بالإعلام القديم الكلاسيكي (كتب، روايات، صحف، قنوات تلفزيونية… إلخ) أو الحديث (مدونات وصحافة إلكترونية… إلخ) إنما تمتد حالة العطالة الإدارية (إحدى تجليات العطالة السياسية) لكل مؤسسات دولة “استقبل وودع، وصل على النبي”…!
أعلم أن ما يكتب في حدود القليل المسموح به اليوم، وتحت مظلة تفرد السلطة الواحدة، لن يقدم ولن يؤخر عند الجماعة… هو نفخ بجربة مثقوبة، كما نردد مع دوام حالة اليأس من كساد الفكر السياسي، “وهو… في سوق الصفافير” حسب تراثنا الشعبي، فما العمل؟