بإمكاني الادعاء، مع بعض التحفّظ، بمعرفتي بالمجتمع البريطاني عن كثب، إن من خلال ما قرأته عنه أو من خلال ما اكتسبته من خلال المعاشرة الشخصية مع أفراده، سواء من خلال سفري المتكرر لمختلف المدن البريطانية منذ عام 1968، أو المعيشة في بريطانيا التي دامت لسنوات في منتصف ثمانينات القرن الماضي. كنت خلال تلك الفترة الطويلة انظر باحترام ومحبة لملكة بريطانيا، إليزابيث الثانية. فقد بقيت حتى اليوم على العرش، وعلى مدى 63 عاماً، من دون أن يصدر عنها أو منها تصرف شائن أو خطأ بروتوكولي أو تصرف غير أخلاقي أو حتى سماع إشاعة غير مستحبة عن حياتها الشخصية، دع عنك تلاعبها بمال الدولة العام! بل كانت طوال تلك الفترة الطويلة، بكل المقاييس، في بقائها على العرش مثال الشخصية النبيلة التي تتصرف وفق معايير أخلاقية مميزة، سواء كملكة أو كأم أو كزوجة. وكان آخر تصرفاتها الجميلة رفض الصرف على مناسبة تجاوزها لرقم جدتها، الملكة فكتوريا في البقاء على العرش لأطول فترة، أي 23226 يوما، عاصرت خلالها الملكة 12 رئيس وزراء، منذ أن اصبحت ملكة بعد وفاة والدها، الملك جورج السادس. ولكنها قبلت، بتردد، المشاركة في حفل تدشين خط جديد للسكك الحديد في اسكوتلندا، حيث تمضي الصيف عادة هناك.
وعلى الرغم من أن الملكة ستبلغ التسعين في العام المقبل، فإنها تبدو بصحة جيدة، وعلى ولي عهدها، صاحب الرقم القياسي الأطول في البقاء وليا وفيا للعهد، الانتظار لسنوات طويلة قبل ان يصبح ملكا.
تحية للملكة اليزابيث الرائعة، وتحية أخرى للمملكة المتحدة، التي وقفت مع الكويت، طوال مئة عام، في الضراء قبل السراء.