انتفاضة فلسطينية أخرى تطرق الأبواب في حين المرضى من العرب والمسلمين يلهثون خلف الشيطان الذي بات يرفسهم بأقدامه معلناً البراءة من أفعالهم وأقوالهم وردود فعلهم إزاء ما يحدث في الأراضي المحتلة!
قلناها في مقال سابق إن آخر طلقة رصاص عربية مشتركة في وجه إسرائيل كانت عام 1973 رغم المقاطعة الأميركية والأوروبية في مجال السلاح ضد العرب في ذلك الوقت، واليوم لدى العرب مجتمعين أكبر ترسانة حربية في العالم بعد الولايات المتحدة وروسيا والصين، بل إن الإنفاق العسكري كنسبة من الناتج القومي المحلي لدى معظم الدول العربية يفوق هذه الدول الكبرى، فبلغ ما أنفقه العرب على السلاح والعسكرة خلال العشرين سنة الماضية أكثر من ثلاثة تريليونات، أي ثلاثة آلاف مليار دولار، وهذا السلاح إما أنه كان في مخازن اعتلاها الصدأ والخراب أو أنه استخدم في قتال بعض العرب ضد بعض.
سياسياً كانت هناك جبهة عربية تسمى بجبهة المواجهة، ثم تحوّلت إلى جبهة الممانعة، وأخيراً تحولت إلى جبهة الموافقة على استضعاف الشعب الفلسطيني وقتله وتدمير بيوته وحرق أطفاله وهم أحياء، ولم يتبق من معاهدات السلام مع إسرائيل سوى أن بقي العلم الصهيوني خفاقاً في سماء عدة عواصم عربية، وذهبت وعود اليهود أدراج رياح الذل العربي إن لم يكن المؤامرة العربية نفسها!
الشعب الفلسطيني اليوم يواجه الاحتلال ويقف في وجه المستوطنين، أي الدخلاء وفقاً للقانون الدولي الحديث، وأقصى ما بات الفتية والفتيات الفلسطينيون يواجهون به عدوهم المحتل هو السكين، وحتى هذا السكين أصبح مسبّة يستعر منه بعض الجبناء العرب، فراحوا يتهكمون ويضعفون معنويات هذا الشعب الصامد علناً في وسائل الإعلام وبشكل يشرّف الأبواق الصهيونية، وحالة الاستنفار القصوى التي أعلنها اليهود أنفسهم. المصيبة الكبرى أن أبواق المنافقين العرب التي أصابها البكم عن جرائم المرتزقة من الدواعش وأضرابهم وهم يعيثون في أرض العرب والمسلمين فساداً وقتلاً ودماراً، أطلوا برؤوسهم وبدأوا يروجون لفتاوى أجزم أن إبليس هو مرجعيتها، لتحريم مواجهة الفلسطينيين لعدوهم ومغتصب أرضهم وقاتل أبنائهم، فمتى يستحي هؤلاء، ليس من الله ولا من الناس إنما من أنفسهم ووجوههم الغبرة؟ فليكرمونا بسد أفواههم وأقلامهم القبيحة، أو حتى ليلتحقوا بالصهاينة “المظلومين” ويواجهوا الفلسطينيين مباشرة إن كانوا يملكون شجاعة الرجال! لكن ذلك بعيد جداً على أمثال هؤلاء لأنهم يلهثون ليل نهار خلف الجاه والمال عبر التزلف والنفاق!
الشعب الفلسطيني ولله الحمد بكل فصائله وانتماءاته يقف اليوم ضد المحتل، ولم يعد له سند أو عضد بالسلاح والعتاد ولا بالمال والإعلام، ومع ذلك بات نضاله أشرف ومواجهته أعنف وإصراره على حقه أكبر، ولذلك لا فضل ولا منّة لأشباه الرجال العرب في تقديم النصح له، فما بالك في نقده وتثبيط عزيمته؟! فتباً لهم وترحاً!