ما زلت أعتقد أن ما يجري في اليمن مؤامرة إقليمية دولية، أي إنه اتفاق إيراني – أميركي، بمباركة بعض دول المنطقة. أمّا دول الخليج، فأصبحت عاجزة عن عمل أي شيء، وقد كانت الفرصة مواتية لها قبل تمكّن الحوثيين. أمّا اليوم، فأصبحت مواجهتهم أمراً عسيراً في وجود مباركة أميركية لما يجري. ولعل هذه المباركة جاءت ثمناً للتنسيق مع إيران التي تسعى إلى إنشاء برنامج نووي قد يؤدي إلى انتاج القنبلة النووية!
عندما سعت دول المنطقة مدعومة من بعض الأنظمة العربية إلى إنهاء وجود جماعة الإخوان المسلمين في الوطن العربي، ساهمت من حيث لا تعلم في انتشار المد الإيراني في معظم دول المنطقة، فها هي إيران أصبحت جارةً لنا من الجهات الأربع، وأصبح مصير دول مجلس التعاون مرهوناً بالسياسة الإيرانية، ورضا الملالي هناك! وأثبتت الأحداث الأخيرة أنه لا مبادئ في السياسة الأميركية والمنظور الغربي، بل مصالحهم، ومصالحهم فقط. فمن كان يصدق أن يأتي يوم تتوافق فيه المصالح الأميركية مع المصالح الفارسية؟!
لقد خسرت دول المشرق العربي فرصة وجود نظام يستطيع مواجهة المد الإيراني، ويلزم الدول الكبرى باحترام إرادة الشعوب، إذ إنه عندما تصل إلى الحكم عن طريق صناديق الانتخاب وإرادة الشعوب الحرة، فإن على الآخرين احترام هذه الإرادة، لكن عندما تدعم الانقلابيين، وتحارب الثوّار والمطالبين بالحرية، وتظن في الأقربين إليك ظن السوء، وتسعى إلى إقصائهم بكل الطرق، عندها عليك أن تتوقع ما لا تحمد عقباه، وستبكي على واقعٍ رسمت حدوده بيديك وخططت لوجودِه بإرادتك.
* * *
أصدرت حركة حماس تعزية لــ «حزب الله» في مقتل بعض المنتمين إليه! ومع تقديرنا للظروف التي تعيشها الحركة من عزلة تامة من العرب والجيران وما تعانيه غزة من تردي الأوضاع المعيشية، لدرجة الانهيار التام في جميع الخدمات، ومن تنصّل من معظم الالتزامات التي أقرها مؤتمر المانحين، ومع إدراكنا لكل ما يحاك للحركة من مؤامرات لإسقاطها من أقرب الأقرباء، فإن تعزية هذا الحزب في قتلاه لا أظنها خطوة سليمة، بل هي تصرف تنقصه الحكمة، وكان يسعهم السكوت على الأقل، ولا أريد أن أزيد من جراحهم، فقد سمعوا من الآخرين ما يكفي، إلا أنني أسأل الله تعالى أن يحفظ دعاته من كل سوء، ومن الفتن ما ظهر منها وما بطن.