كتب شاكياً أنه توقف عن الكتابة، بعد أن شعر بأجواء التضييق على حرية الكلمة، وأنه وجد الأفق، على سعته، يضيق بالكلمة الحرة! وأن النفوس «المريضة» لم تعد تحتمل حق الآخرين في التعبير! وأنه عندها أدرك أنه لم يعد يعيش في «ديرته» التي كان يعرفها، أو تلك التي يريدها «توقف عن الكتابة»!
ولكنه عاد إلى الكتابة من دون أن يخبرنا إن كانت الظروف التي تكلم عنها قد تغيرت، أو أن «أصحاب النفوس المريضة»، الذين منعوه من أن يكتب ما يشاء، قد تركوا الصحيفة!
من الغرابة، أن يكتب من ينتمي، لحماً هبراً وشحماً دسماً، إلى حزب ديني متشدد جداً في قضايا التعبير عن حرية الرأي، شاكياً ضيق أفق الطرف الآخر، وحجره على حرية التعبير، وهو على علم بأنه وحزبه لم يتوقفا يوماً عن التضييق على الحريات جميعها، ومحاسبة البشر وعد أنفاسهم، وأقوال ومواقف مرسي والنميري والترابي وعشرات «زعامات الإخوان»، خير دليل.
والغريب، أيضاً، أن هذا الشخص، الذي يشتكي من ضيق أفق التعبير في الصحف العادية، أو التي توصف بالليبرالية، نسي أن صحف حزبه ومجلاتها، التي كانت يوماً تطبع مجاناً في مطابع جهات مشبوهة، لم تسمح يوماً لغير المنتمين لها بالكتابة فيها! فكيف يتجرأ اليوم ويشتكي من تضييق الآخرين عليه، وهو وكبار حزبه من سادة خنق حريات الآخرين؟
أما أنه أصبح يشعر الآن بأن الديرة ليست ديرته التي يعرفها، ولا هي التي يريدها، فهذا صحيح! والسبب أنه يريد أن يكون كل شيء في هذا الوطن على مزاجه وخاطره، والشرهة طبعاً مو عليه!
* * *
في مقابلة تلفزيونية مع د. علي النعيمي، عضو جمعية الهلال الأحمر الإماراتية، ومدير جامعة الإمارات، ذكر أنه كان في عدن في مهمة إنسانية تتعلّق بتوزيع المساعدات. وقال إنه رأى عدن مدمرة تماماً. وحزن لوضع الشعب اليمني الذي يعيش في عصر غابر. وقال انه اكتشف، من واقع مشاهداته، أن مشكلة اليمن تكمن في أحزابها، التي طالما تاجرت بقضاياه. وقال إن شعب اليمن يجب ألا يسمح للأحزاب الدينية بالتسلق على أكتافه، وبالأخص حزب الإصلاح، التابع للإخوان المسلمين. وقال إنه شاهد شخصياً، ولديه شهود، كيف تمت سرقة مساعدات الإمارات وحصر توزيعها على الأتباع فقط. كما ثبت له أيضا بيع تلك المساعدات.
وحذّر اليمنيين، من واقع تجربته، من أن الإخوان يحاربون من غرف الفنادق، وليس لهم مشاركات عسكرية، وأنهم سيشاركون الجميع في خطف النصر، وتصدر المشهد السياسي.
وقد ذكّرني كلام د. النعيمي وتحذيراته بما جرى في الكويت بعد التحرير مباشرة، عندما استولى حزب الإخوان في الكويت على المساعدات، وقام ببناء شعبيته عليها، وتحكم بعدها بمفاصل الدولة لعقدين!