من 115 إلى ما دون الــ50 دولاراً للبرميل.. هي نتيجة قرار منظمة أوبك من نوفمبر العام الماضي، بعدم خفض الإنتاج وترك الإنتاج حرّاً، لتنتج كل دولة وفق قدراتها الإنتاجية. فهل كان قراراً مدروساً، وهل توقّعت المنظمة البترولية هذا الانخفاض وبأكثر من %50 في سعر البرميل، وهل توقعت الدول النفطية هذه الخسائر المالية اليومية من قمة أكثر من 3 مليارات إلى ما دون 1\2 مليار دولار في اليوم. وانخفاض في الاستثمارات البترولية من 1.5 تريليون إلى أقل من تريليون دولار في هذا العام فقط. ومقابل كل هذا زادت «أوبك» من إنتاجها إلى أكثر من 32 مليوناً مقابل 29 مليوناً في العام الماضي، وتخمة نفطية فائضة بحدود 3 ملايين برميل في اليوم، ولا من أمل في خفض الإنتاج، ولا كذلك من أمل في ارتفاع سعر البرميل على 50 دولاراً، حتى نهاية العام الحالي، وقد يستمر حتى منتصف العام المقبل.
سواء كان قرار «أوبك» مدروساً أو غير ذلك، فإن الحقيقة الوحيدة أنها لم تتوقع هذا الانخفاض الحاد في سعر البرميل، ولم تتوقع، أيضاً، قدرة صمود وتفاعل منتجي النفط الصخري عند هذا المعدل المنخفض ومواصلتهم استكمال واستمرارهم في الإنتاج. وهل استطعنا معرفة الكلفة الحقيقية لمعدل إنتاج النفط الصخري الأميركي؟!
هذا بالإضافة إلى الركود الاقتصادي العالمي على الرغم من هبوط أسعار النفط إلى أكثر من %50، والذي لم يكن متوقعاً، خصوصاً من أكبر ثاني قوة اقتصادية في العالم وبقية الدول الاقتصادية الناشئة عدا الهند. واستمرار الكساد الاقتصادي في بقية العالم من اليابان وأوروبا، ولم تجد حتى الآن الولايات الأميركية الشريك الاقتصادي القوي للتبادل والنمو التجاري ممثلاً في الصين.
وحتى ذلك الحين، على الدول النفطية الضغط ومحاولة شد الحزام وتقنين أو ترشيد الدعم، خصوصاً في دول مجلس التعاون الخليجي، والنظر في التجربة الإماراتية في التعامل مع أسعار الوقود وفق المعدلات العالمية، هذا إذا أردنا نموّاً اقتصادياً حقيقياً جادّاً، وإلا المزيد من السحوبات من الاحتياطي المالي.
وبغض النظر عن قرار «أوبك» من نوفمبر من العام الماضي، فهي تجربة إجبارية واقعية، ولكن علينا نحن استغلالها كبقية دول العالم بالاستفادة من الأسعار المنخفضة للنفط وكيفية التعامل مع المعطيات المقبلة، من عجز في الإيرادات النفطية، وضغط في المصاريف ــــ إن أردنا ــــ وتسليم الأمانة إلى الأجيال المقبلة من دون هدر، ومن ضبط وزيادة في الإنتاجية. هو أمل.. هو حلم.