عندما أعلنت روسيا دخولها سورية وإقامة قواعد عسكرية ونقلت لها الجنود والعتاد العسكري، كانت تؤكد أن دخولها فقط سيكون من أجل الحرب على الإرهاب وتقصد بذلك «داعش».
وما هي إلا أيام – حتى أعلنت روسيا أنها ستقدم الدعم الجوي لقوات الأسد البرية!
إذا كان العذر الروسي في السابق مقبولا دوليا وهو الحرب على الإرهاب – فهل إعلانها بأنها ستقوم بالدعم الجوي لقوات الأسد البرية – تلك القوات التي لا تفرق في حربها بين المعارضة السورية وبين داعش، ولا بين المسلحين وبين المدنيين العزل – هل ستقبل دول العالم وبالأخص الولايات المتحدة والدول الغربية التي تهتم بحقوق الإنسان.
أصبحت روسيا شريكا للأسد وقواته فيما يقوم به من جرائم ضد الإنسانية، ولا بد من موقف دولي حازم ضد الدعم الروسي لديكتاتور أجمع العالم على إجرامه إلا روسيا وحلفاءها الصينيين والكوريين الشماليين وإيران والعراق!
من المؤكد أن لسياسية الأميركية المتخاذلة في منطقة الشرق الأوسط هي التي سمحت للدول المارقة كإيران وحلفائها السوريين والعراقيين بالتمادي واستبدال النفوذ الأميركي بالنفوذ الروسي.
كل ما بذلته الولايات المتحدة في العراق بدأ بالانهيار، فالحكومة العراقية الموالية لإيران تطلب الدعم الروسي في محاربة «داعش»!
وعندما تطلب إيران أو حليفتها الحكومة العراقية الدعم الروسي فيعني أنها تنوي محاربة المعارضة العراقية وليس داعش بالتأكيد!
فالتحالف الدولي بقيادة الولايات هو بالفعل يقاتل داعش بالعراق وسوريا ويدرب الجيش العراقي ويسلحه من أجل هذا الغرض!
كما يؤكد أكثر من طرف دولي – أن اغلب الضربات الروسية لم تكن من نصيب داعش بل المقاومة السورية.
على مدى التاريخ لم تكن ايران والعراق والشام في تحالف واحد، حتى ايام الدولة الفارسية لم تتمكن من بسط نفوذها على سواحل البحر المتوسط طويلا!
فما بالك إذا كان هذا التحالف يقوم على أسس طائفية وبين انظمة ديكتاتورية، هذا التحالف اخطر على العالم والإنسانية من دولة داعش الهشة.
وعلى المستوى الاستراتيجي – من المستغرب جدا – سماح الولايات المتحدة لكل هذا التمدد الروسي في قلب العالم كما كان يسميه المفكر الإستراتيجي الأميركي ماكندر «أوراسيا» وهي المنطقة الممتدة من روسيا ومنطقة القرم التي ضمتها مؤخرا وآسيا الوسطى حيث دول الكومنولث المرتبطة بروسيا، وأضف عليها مؤخرا دول العالم القديم حيث ايران والعراق والشام في إقليم الشرق الأوسط.
هذا التوسع الروسي اسقط معه كل المبادئ الاستراتيجية الأميركية التي كانت تقوم عليها السياسية الخارجية الأميركية منذ «مبدأ ايزنهاور» وإلى «مبدأ كارتر»، حيث لم تكن تسمح الولايات المتحدة بوصول روسيا إلى المياه الدافئة (مياه الخليج العربي)!
ختاما، روسيا بدأت تغير الجغرافية السياسية في العالم، وأصبحت اللاعب الأساسي والاهم في آسيا مع حلفاء كالصين وكوريا الشمالية ودول آسيا الوسطى، والآن ولأول مرة في التاريخ ستصبح اللاعب الدولي الأساسي في الشرق الوسط مع حلفاء كإيران والعراق وسورية.
الخلاصة: اذا استمر التخاذل الأميركي فسنخسر العراق وسورية ولبنان، ولكننا حتما سنبقى صامدين في قلب الجزيرة العربية وسندافع عن انفسنا وبمساعدة أصدقائنا الأوربيين فقط.
وستخسر الولايات المتحدة نفوذها بالمنطقة وربما في العالم ولن تكون الدول العظمى التي لطالما تحكمت في العالم والسبب تخاذل إدارتها وعدم قيامها بدعم حلفائها ووقف المنافسين الدوليين لها!