لعلم من سأل، ليس بيني وبين إدارة معهد الأبحاث أية علاقة مطلقا، لا تجاريا ولا شخصيا، ولا أعرف حتى اين يقع مبنى المعهد، ولكني معني بالحديث عن مثال في الدولة كان شيئا ثم اصبح لا شيء بفضل سياسات المحاباة والتنفيع الحكومية، التي كانت ولا تزال تعتقد أن لكل شيء حلا ومخرجا، طالما توافرت المادة. وأن لا مشكلة هناك بغير حل، ولكن بعض أنواع المشاكل، التي يتسبب فيها قليلو الكفاءة، لا يمكن غالبا علاجها، لا مع الوقت ولا بالمال.
الصورة التي ظهر فيها مدير عام معهد الأبحاث ووزير النفط وهما يفرغان محتويات سطل من التنك به أسماك في بحر الكويت لزيادة كميات المخزون السمكي فيه، دليل على مدى سذاجة تفكيرنا وسطحية الطريقة التي نؤدي فيها مهامنا وربما حالة الاستخفاف «الرسمية» بعقل المواطن. فمن لديه ولو إلماما بسيطا بعلوم الأحياء المائية يعرف أن طريقة تفريغ سطل السمك لا تفتقد للمهنية العلمية، بل وحتى لاحترام العقل! فزيادة المخزون السمكي تحتاج أولا لكميات أكبر بكثير من تلك التي تم «رميها» بتلك الطريقة العشوائية. كما أن الأمر يتطلب تمرير السمك بعدة مراحل قبل اطلاقه في بيئته الجديدة والغريبة عليه، والعملية برمتها أكثر تعقيدا بلا شك من مسرحية التفريغ تلك، فهذا عبث وضحك على الذقون.
وبهذه المناسبة، أخبرني قارئ مطلع بأن كميات السمك التي رميت في البحر لم تكن مهيأة اصلا لذلك الغرض، بل كانت مخرجا لورطة واجهت إدارة معهد الابحاث، التي كانت تحتفظ بكميات كبيرة من الأسماك في أحد مراكزها في منطقة الخيران، ولكن يبدو أن تلك المنطقة تم الاستيلاء عليها من قبل بلدية الكويت لكي تضاف مساحتها وشاطئها لمشروع سكني، سبق أن دار لغط كبير حوله. فوجد المعهد أنه ربما من الأفضل افتعال مسرحية زيادة المخزون «الاستراتيجي»، ورمي تلك الأسماك في البحر بحجة زيادة المخزون الاستراتيجي، وكان حضور وزير النفط، صديق المدير والموظف السابق في المعهد، طبيعياً بعد اعتذار وزير التريبة المختص بشؤون المعهد عن المناسبة، لأسباب خاصة.
هذه جملة اتهامات، قد لا تكون صحيحة، ونتمنى على إدارة المعهد الرد عليها، وإثبات أن طريقة «السطل» التي لجأت اليها أو استخدمتها في زيادة المخزون «الاستراتيجي» في بحرنا هي الطريقة العلمية الصحيحة! وإن ردت، وقبلنا ردها، فسنتوقف عن الكتابة عن قضايا المعهد مستقبلا!