أظن أن هناك من يدفع المنطقة العربية نحو حرب محدودة، تدمّر ما تبقى من الدول العربية من دون أن تدمره آلية الحرب ومعداتها وتقنياتها الحديثة، أميركا تفكر استراتيجيا بهذا الخيار لتعزيز توجهها نحو شرق أوسط جديد مهلهل ومقسم، ويسهل تحريضه على حرب بعضهم بعضا، والأهم يحقق أمن «إسرائيل». إيران وضعت كل إمكاناتها وقدراتها وثرواتها تحت امرة التحالف الغربي الأميركي والروسي معها، فلولا تحالفهما معها لما تمكنت من الهيمنة على العراق والتحكم في مساره، ولولا تحالفهما معها لما عطلت لبنان وشلت الحياة فيه، ولولا تحالفهما معها لما كان لها تواجد عسكري مؤثر في سوريا مع حزب الله، وإذاقتها للشعب السوري التقتيل والتشريد بتعاونها مع نظام الأسد، بل ولما اندفعت روسيا للتدخل العسكري المباشر ترجيحاً لكفتها، بعد أن بدأت تذوق ويلات الهزيمة وخسائرها.
ولولا تحالفها معهما لما تجرأت أن تمد يدها العابثة إلى اليمن، وتعيث فيه فسادا وتدميرا، بل ولما تزايدت أنشطتها التخريبية في البحرين، ولا أظنها بريئة عما حدث في الكويت والسعودية.
إذاً علينا أن ندرك أن هناك من يسعى الى تجييش المنطقة، وإذكاء نار حرب تندلع بها، وهم يمارسون معزوفة قرع طبول الحرب بشكل منظم ومقصود، ما لم نعيه ونفوت مرادهم فإنهم أخذونا إلى حرب محدودة ولكن مدمرة.
ولذا، فإن أخذ خطوات احترازية ذكية وسريعة أمر لا خيار لنا فيه ولا بد من البدء به، فبعد سحب البحرين لسفيرها في إيران، واعتبارها لسفيرها غير مرغوب فيه (طرده)، وقطع اليمن لعلاقاته الدبلوماسية مع إيران، فإن دول الخليج كافة عليها أخذ خطوات مماثلة للبحرين، بل وعليها أن تعيد النظر بعلاقاتها الاقتصادية والعسكرية بروسيا على أساس مصلحي واضح، ولا تترك الأحداث وترتيبات الآخرين تأخذنا إلى مسار لن تحمد عواقبه بالنسبة لنا ولدولنا ومستقبلها.