قبل تويتر وقبل الواتساب والسناب شات، كان هناك منتدى الشبكة الوطنية في الكويت لصاحبه ومؤسسه سعود عبدالعزيز العصفور، وكان يعتبر من أكبر المنتديات في الوطن العربي، وكان أعضاؤه من النخبة من أهل الكويت من نشطاء ونواب وصحافيين وكتاب، وكانت المواضيع التي تطرح فيه تعكس الوضع المحلي بدقة وبكل تفاصيله.
أحد نجوم ذلك المنتدى وأحد المؤسسين له هو الصديق محمد العنزي «أبونورة»، وكان عدد الأعضاء الذين يشاركون بمواضيع العنزي أكثر من 100 ألف لكل موضوع، تصوروا هذا قبل ازدهار «الواي فاي» وثورة الهواتف الذكية التي جعلت المتابعة بسهولة مع ضغطة زر.
الصديق محمد كان لديه تعبير جميل يستخدمه أحيانا هو «أقضب هايشتك»، وترجمته تعني قم بالتحكم بالشخص المتحمس جدا في فريقك.
وتذكرت هذه الجملة وأنا أراقب الأحداث التي تتسارع من حولنا وتتداخل مع بعضها بشكل معقد حتى أنك لو حاولت تحليلها أو تفسيرها فستصاب بصداع نصفي، لكن خبرة السنين والشعيرات البيضاء التي قامت تتوزع بشكل إستراتيجي على راسي أكدت لي الحقيقة التالية: كل طبول الحرب التي تدق وكل الخصوم المتخاصمين هي جزء من سيناريو كبير متفق عليه.. بس خوفك من بعض المتحمسين الذين يخرجون عن النص، ومن هنا تأتي أهمية جملة العنزي «اقضب هايشتك»، انها سياسات دول يقوم عليها ويخططها اناس حكماء عركتهم السنوات وحتى الخصومات والمناوشات بين الدول تتم وفق آلية دقيقة يرسمها كبار موظفي وزارات الخارجية في تلك الدول فلا تتعدى بعض الحدود المتفق عليها، لكن غالبا تأتي المشاكل من «المتحمسين» من الطرفين الذين تشحذ تغريداتهم وتفاعلاتهم في وسائل التواصل الاجتماعي سكاكين الحرب وتستعين في ذلك بمفردات قبيحة تصب الزيت على النار وقد تصل بعض الأحيان الى حد التشجيع على أعمال عنف وتطاول تتجاوز الخلاف بين تلك الدول الذي مازال في مرحلة التراشق اللفظي والتصريحات والتصريحات المعاكسة.
خطورة هذا الأمر يتمثل في زرع روح الاستعداء بين شعوب المنطقة التي لا خيار لها غير التعايش فقد فرضت علينا الجغرافيا التجاور ولا تستطيع الدول مثل البشر حمل حقائبها والسفر من موقع لآخر، قدرنا أن نعيش في منطقة مهمة للعالم كله ولا يريدوننا أن نتفق أو نتوافق بل من مصلحتهم أن نكون على خلاف دائم حتى نحتاجهم دائما.
أنا من جيل قضى 30 سنة من حرب الى حرب، فمن حرب الخليج الأولى إلى الثانية إلى غزو العراق إلى حرب داعش..كافي بس ملينا نريد تربية أطفالنا، نريد أن تتقدم وتزدهر بلداننا، تعبنا من أنه كلما صدأت الأسلحة في مخازن الدول الغربية وشارفت على انتهاء صلاحيتها أشعلوا حروبا إقليمية تلتهم الأخضر واليابس.
نقطة أخيرة: لا خير في الحرب، والخير كل الخير في السلام «بس لو الله يفكنا من الهوايش».
آخر مقالات الكاتب:
- الإستجواب الغير مستحق
- أمنية من أهالي «عبدالله المبارك» لعناية وزير الأوقاف
- لا والله إلا شدو البدو يا حسين
- درس كبير في السياسة من صاحب السمو
- 2017 قررت أن أكون سعيداً
- بديت أشك في الوسادة
- توظف 8000 كويتي وتربح سنويا 200 مليون..لماذا تخصخصها وتفككها؟!
- مرحبا بملك السعودية التي هي سندنا يوم غيرنا مالقي له سند.
- إخضاع عمليات السمنة في «الخاص» لرقابة أقوى
- انتهت انتخاباتكم تعالوا نرجع وطناً