تأسست اللجنة الاستشارية العليا لاعادة النظر في القوانين وأسلمتها، التي يرأسها السيد خالد المذكور قبل ربع قرن، لغرض محدد. ولكن سرعان ما تبين هلامية مهامها، وأنها ليست الجهة المعنية بما يعنيه اسمها، فتخشبت أنشطتها تماما منذ عام 2000، ولم يطرأ تغيير عليها غير الانتقال لمبنى جديد فخم كلف ويكلف الدولة الملايين سنويا.
ظهر جليا خواء اللجنة عندما بدأت، بعد تأسيسها بفترة قصيرة، بتوزيع هدايا قيمة وغالباً لكل من «هب ودب»، وليس في الأمر مبالغة. وفي انشغالها تاليا بالهامشي من القضايا، التي لا علاقة لها بصلب مهامها، كتقديمها لاقتراح لوزارة التربية لتدريس مادة القرآن في كل المراحل الدراسية (!). ومشروعها المتعلق بكيفية مواجهة خطر استخدام الأطباق لاستقبال البث التلفزيوني المباشر(!). ومشروع دراسة عن كيفية تمويل عجز الموازنة العامة للدولة (!) وغيرها ذلك، التي بينت أن اللجنة برمتها في واد والعالم من حولها في واد آخر، وأن معظم العاملين فيها من خبراء وشيوخ دين وفقهاء أفاضل يتسلمون رواتبهم منذ 25 عاما من دون القيام بأمر مجد، بعد أن توقف انشغالها، حتى بالقضايا الهامشية، منذ عام 2000، وهذا ما يقوله موقعها الإلكتروني الجامد!
تذكرت الموضوع أعلاه، الذي سبق أن كتبت عنه مرات، عند قراءتي لإعلان «مضحك مبك» نشرته «هيئة مكافحة الفساد»، عن «قرارها» إقامة مسابقة تصوير لأفضل 5 صور تتعلق بمكافحة الفساد، والشفافية وقضايا البيئة، والحس الوطني وترسيخ مفاهيم النزاهة وتقوية الوازع الديني (!)
من الواضح أن ليس من مهام هذه الهيئة الوليدة، التي لم تنته حتى الآن، ربما من وضع لائحتها التنفيذية واستكمال طاقمها الإداري، إقامة مثل هذه المسابقات التي ستأخذ حتما الكثير الكثير من وقت إدارتها العليا، وتشغلهم عن مهامهم الخطيرة، وعن مئات ملفات الفساد التي أصبحت تمتلئ بها أدراج مسؤوليها. ويكفي أننا لم نسمع حتى الآن لها اي رأي في أي موضوع، فكيف تأتي الآن لتقيم مسابقة لتوزيع خمس جوائز تصوير تتعلق إحداها بتقوية الوازع الديني، فما علاقة هيئة مكافحة الفساد بهذا الجانب أو بالبيئة. وهنا يتساءل النائب نبيل الفضل في مشاركة له، وتعليقا على هذا الإعلان، إن كان نشر هذا الإعلان يعني أن الهيئة انتهت تماما مما تحت يديها من ملفات، واستقر رأيها على أن لا فساد في الكويت، وبالتالي عليها الاهتمام بمسابقات تصوير وغيرها!
إن ترسيخ المفاهيم الدينية، وهو الأمر الذي انشغلت به غالبية أجهزة الدولة، لم نجن منه غير زيادة السرقات والغش «الجماعي» في المجتمع، وآخرها اكتشاف وجود 50 ألف ملف مساعدات اجتماعية تدفعها «الشؤون» لجهات لا تستحقها، وبينها أعداد لا تحصى لمتوفين!