منذ عشر سنوات وسلوك الحجاج الإيرانيين يبدو وكأنه محاولة للعبث بموسم الحج بصورة تتنافى وحرمة هذا الركن الشرعي العظيم وجميع مناسكه، متناسية حرمة المكان وحرمة شهر ذي الحجة، فتارة تحرض الحجاج الإيرانيين على تنظيم تظاهرات، وتارة أخرى برفع لافتات ولوحات مؤذية لمشاعر الحجاج، وتارة ثالثة بتجميع أفواج من الحجاج الإيرانيين والمزاحمة المتعمدة بهم عند مداخل أو مخارج بعض مناطق المشاعر لخلق فوضى وإرباك.
لا شك أن حادث منى، ووفاة 769 حاجاً حادث مؤلم ومحزن نسأل الله للموتى الرحمة والمغفرة من عنده، هناك من يعزو الحادث إلى التزاحم والتدافع الشديد للحجاج، مما خلق هلعا وفوضى أدت للوفيات والإصابات، وهناك من يذكر أن عدم وجود مخارج على طول الجسر ساعد في ضخامة الحادث، وهذه الروايات جميعها تعزز ضرورة التحقيق الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز، وأهمية الاحتياطات الاحترازية، التي لا بد أن تتواكب مع موسم الحج، وتزايد أعداد الحجيج.
إلا أن الرواية اللافتة بشأن حادث منى هو العبث الإيراني الذي كان وراء هذا الحادث المؤلم، فتشير الأخبار إلى أنهم وجهوا مجاميع من الحجاج الإيرانيين وبحركة ربما منظمة ومقصودة للتحرك المبكر لمنى قبل الموعد المعتاد للحجاج، وذلك بتوجيه من شخصية معروفة قادت هذا التحرك المنظم كما تردد، بل أن التعمد كان في توجيه تلك المجاميع بالتحرك العكسي لسير حركة الحجيج الآخرين، وهو ما خلق تزاحما وفوضى وإرباكا غير مسبوق أدى لوقوع الحادث، وارتفاع أعداد الوفيات والمصابين فيه، وتقول الرواية ان الله سبحانه وتعالى سلم ولطف، وإلا فإن أعداد الوفيات والإصابات كانت ستصبح أرقاما مريعة، وإن صحت هذه الرواية، التي تتوافق مع المحاولات الإيرانية العبثية بأمن المنطقة، فالمسألة لا تحتمل السكوت ولا التفويت، والمطلوب موقف حاسم من حالة العبث الإيراني، الذي لم تردعه حرمة المكان ولا الزمان ولا المنسك.
ومن يتابع التصريح الإيراني المتعجل والتصعيدي يدرك المقاصد السيئة لإيران، التي لم تفتأ تعبث بموسم الحج والمنطقة، وهي تطالب بأن يكون لها دور في إدارة الحج وموسمه، وتتهم المملكة العربية السعودية بالتقصير وعدم القدرة على إدارة موسم الحج، وهي مغالطات مغرضة تهدف الى خلط الأوراق أمام التفوق والتميز السعودي في تطوير كل مرافق الحج وتيسيير سبله على الحجاج والإدارة المبتكرة للعديد من الأساليب والإجراءات، التي أحدثت نقلات نوعية في إدارة مواسم الحج، وهذا لا يمنع من وقوع بعض الحوادث التي لا يمكن تجنبها لطبيعة موسم الحج وتوالي مشاعره واجتماع الملايين وتحركهم المتزامن لأدائها، ولا يمنع أيضا المطالبة بمزيد من التطوير والتسهيلات، لكن هناك فرقا بين الاتهام بالتقصير وعدم القدرة، وتسجيل الملاحظات والمطالبة بالتطوير، فالأولى مغرضة وغاياتها سيئة، والثانية نبيلة ومقاصدها طيبة، وشتان بين الأمرين،، فهلا كفت إيران عن العبث المستمر.