هل هناك دول فاشلة؟ إن كانت الإجابة بنعم، فكيف نعرف أنها دولة فاشلة؟ دأب صندوق السلام ومقره الولايات المتحدة منذ 2005 على نشر ما أسماه حينها “مؤشر الدول الفاشلة”.
المحاولة جريئة بالتأكيد، والمصطلح جذاب ومثير لا جدال، ولكنه بدلاً من قياسه حال الدول تحول إلى حائط مبكى سياسي، وصار كل مَن لا تعجبه دولة ما يسميها دولة فاشلة، وقد تكون كذلك، بل إننا وجدنا المفكر الأميركي المعروف نعوم تشومسكي يصنف أميركا كدولة فاشلة، لأنها عنصر مؤذٍ للديمقراطية وتقوض الاستقرار في العالم.
فقد المصطلح قيمته المعيارية الأكاديمية، وصار مصطلحاً سياسياً يتم استخدامه في المماحكات السياسية أكثر من تحليله لواقع هذه الدولة أو تلك، وبسبب الانتقادات المنهجية والأكاديمية الحادة اضطر القائمون على المشروع لإعادة النظر في المؤشر، وتغيير مجموعة من مكوناته الأساسية، ومن ثم تغيير اسمه منذ 2014 ليصبح “مؤشر الدول الهشة”.
ويتضمن المؤشر الجديد 11 درجة أدناها “إنذار عال جداً”، وفيه 4 دول منها اثنتان عربيتان، وأعلاها درجة “مستدامة جداً”، وفيه دولة واحدة فقط هي فنلندا، وتقع 16 دولة عربية حسب مؤشر 2014 في الدرجات الدنيا الست، أما الكويت ومعها عمان فتقعان في درجة 7، وهي “أقل استقراراً” وأعلى دولتين عربيتين كانتا قطر والإمارات في درجة 8 وهي “مستقرة”.
بالطبع ما زال المؤشر الجديد يتعرض لانتقادات علمية من حيث المنهج المتبع وتركيبة أدوات البحث، بينما سنجد انتقادات الحكومات للمؤشر تنصب على الشق السياسي فحسب.
ما إن انتهينا من إشكاليات “الفشل” و”الهشاشة” حتى ظهر لنا مصطلح جديد هو “الدول المنهارة” أو Crumbling States، حيث صاغه باقتدار الزميل يزيد صايغ بدراسة حديثة حول إصلاح الأجهزة الأمنية في ليبيا واليمن، وربما كانت “المنهارة” هي الأسهل قياساً.
ولكل منا أن يختار ما يشاء من مصطلحات ومؤشرات لوصف وتحليل واقع الحال، لكن الخشية هي أن تقودنا مآلات الأمور والتدهور السريع في أوضاع المنطقة إلى مصير محتوم لننتقل من مجرد “هشاشة عظام” إلى انهيار شامل.