تمارس المجتمعات كافة نوعاً أو آخر من التفرقة ضد الأقليات فيها. نرى ذلك في أكبر الديموقراطيات، كالهند وبريطانيا وأميركا، كما نراها في أكثر الدول تخلفاً. وبالتالي من الطبيعي أن نجدها تمارس في دولنا ضد الأقلية الشيعية، أو ضد الأقلية السنية في الدول ذات الغالبية الشيعية، كإيران والعراق.
وأعتقد أن نسبة الشيعة في الكويت هي دون الـ %20، إلا أن البعض يعتقد أنها أكثر من ذلك، ولكن النتيجة واحدة، وسيبقون أقلية. ولكن مع هذا للشيعة مقابرهم ومحاكمهم الشرعية، كما يحتفلون سنويا بمناسباتهم الدينية دون تضييق يذكر، بالرغم من كل ما تسببه تلك المناسبات احياناً من مضايقات للآخرين. كما يتجاور الشيعة مع غيرهم في السكن والعمل، ولهم ممثلون في البرلمان، ولهم جمعياتهم الدينية، وأحزابهم أو تكتلاتهم السياسية. كما يتعامل الجميع معهم ومع مصالحهم التجارية من دون تحفظ، ولهم شراكات ومصاهرات مع جميع أطراف المجتمع،، ولكن هناك من لا يحابي الشيعي، ويميل الى غيره، وهذا من حقه. وهناك من لا يسمح حتى بوجوده في مؤسساته. وهناك جهات حكومية قلما تجد فيها شيعيا، وجهات أخرى ترفض حتى تشغيلهم. وهناك شركات مساهمة لا تقوم بتوظيفهم، ولم يسألوا يوما عن السبب. وهناك تضييق على بناء الشيعة لدور عبادتهم. كما ان هناك، كما يقال، تحيز ما ضد الموظفين الحكوميين منهم، فيما يتعلق بالترقيات والعلاوات، وفي الوصول الى مراكز قرار معينة. وهنا وهناك عشرات علامات الاستفهام الأخرى، فعلى الشيعي تقع دائما مسؤولية إثبات ولائه لوطنه، وصحة ذلك الانتماء!
ولكن لو كانت كل هذه الأمور صحيحة، ولو كان الوضع أسوأ من ذلك، فهل يعتبر هذا كافيا لتبرير التآمر على الوطن؟
نعم الشيعي مظلوم. ويعتقد البعض أن مختلف الممارسات السلبية والتصرفات التعسفية تمارس ضدهم في الوظيفة والترقية والعلاوة، وحتى في جهات العمل التي يحق له الالتحاق بها، فهل يبرر هذا الظلم أو التعسف الذي وقع عليهم، وهم الذين يعتقدون أنهم من أوائل من سكن هذه الأرض، وجعلها وطنا ابديا لهم، أن يسعى بعضهم للتخابر والتعاون مع من يريد الشر بوطنهم؟
ماذا فعل السود أو الكاثوليك في أميركا لرفع الظلم عنهم، أو تقليل ممارسة التفرقة ضدهم؟ لجأوا الى صناديق الاقتراع، ووسائل الإعلام. ماذا فعل الشيعة في الكويت وغيرها لرفع الظلم عنهم؟ قاموا، غالبا، بإيصال أكثر المتطرفين مذهبيا الى مقاعد البرلمان، الذين كانوا، في الغالب، سببا في زيادة تطرفهم المذهبي، وزيادة الحذر منهم!
لماذا يقوم الناخب الشيعي غالبا باختيار المرشح المتطرف مذهبيا، ويستبعد غيره؟ هل لاعتقاده أن الأول اقدر من غيره على انتزاع «حقوقه» من السلطة؟
الواقع يقول عكس ذلك، فغالبية هؤلاء «النواب الطائفيين» استغلوا تطرفهم الظاهر لتحقيق مصالحهم الخاصة، وليس الدفاع عن «حقوق» جماعتهم.
من الاستحالة تقريبا القضاء على التفرقة، في اي مجتمع، ولكن من الممكن تقليل هوة وحجم تلك التفرقة، وهذا الامر يتطلب من الحكومة ثقة اكبر بمواطنيها، وتطرفا مذهبيا اقل من الجهة الأخرى. فهل يمتلك الطرفان الشجاعة اللازمة؟
أوليست العلمانية هي الحل؟