مَن يسمع المطالبين بتعديل المناهج في الكويت (ارتفع هذا الصوت كثيراً بعد تفجير مسجد الصادق، الخاص بالطائفة الشيعية) لمكافحة التطرف والإرهاب، يظن أن الكويتيين من “أكلة الكتب”، ويتوهم أنهم يحفظون المناهج حفظاً “صمّاً”، ويتأثرون بها إلى درجة البكاء والإيمان التام.
أيها السيدات والسادة، إن هذا الكلام هو الخرطي المبين، وإن كنتُ أنا ممن يتمنون تعديل المناهج إلى الأفضل، بشكل عام، إلا أن هذا لا يمنعني من القول إن تأثير المناهج لا يرقى إلى هذه الدرجة كما قد يظن البعض، ولست ممن يرون للتعليم دوراً كبيراً من الأساس، إلا بدرجة أقل من البسيطة.
الدور الرئيسي هو دور السلطات، ومكانة القانون عند السلطة، ثم يأتي دور المجتمع وعاداته وتقاليده وطريقة تفكيره، وتصنيفه للحسن والسيئ، والمحترم وغير المحترم، وطريقة تعامله مع كبار المسؤولين، وطريقة تقبله أو رفضه لكبار اللصوص، ونظرته للمتملقين من الشعراء والكتّاب والأدباء والوزراء و”الوجهاء” وغيرهم… وهذا لا علاقة له بالمناهج، بل بعقلية المجتمع.
فلا أحد من المجرمين المدانين في تفجير مسجد الصادق درس مناهجنا وتربى عليها، إذ ليس من بينهم كويتي واحد، في حين أن، أعضاء خلية حزب الله، التي أُلقي القبض عليها أخيراً، كلهم كويتيون باستثناء إيراني واحد. ولا حاجة للتذكير بأن المنهج المطلوب تعديله يخص الطائفة السنية.
أكرر، مع وضع خطوط تحت المفردات؛ القصة لا علاقة لها بمناهج السُّنة ولا مناهج الشيعة في وزارة التربية. القصة مرتبطة بشكل واضح بالسلطة وطريقة تعاملها وتربيتها للمجتمع، بنسبة كبيرة، وبمكانة القانون، هل هو محترم عند هذا المجتمع أم مُهان. فمتى ما رأى الناسُ السلطة تحترم القانون، وأنه لا أحد فوقه، وأن مكان اللص ليس في صدر الديوانية، بل خلف قضبان السجن، وأن الحصول على المناصب ليس بالتملق والتذلل بل بالكفاءة، وغير ذلك من الأمور التي تتربى عليها المجتمعات… عند ذلك سيتغير المجتمع كلياً، وينخفض معدل الإرهاب بشكل كبير.