حكمت المحكمة حضورياً على المتهمين في الجريمة الكبرى، التي هزت الكويت في يونيو الماضي بمسجد الإمام الصادق وعددهم 29 متهماً، بأحكام مختلفة من الإعدام إلى البراءة.
وهنا لسنا بصدد نقاش وضع من تمت إدانتهم، حيث ثبت إجرامهم، وإن بدرجات مختلفة وحيثيات متباينة، وسينالون عقابهم، ولكن الأهم هو موضوع الأربعة عشر بريئاً، فمن سيعوضهم عن حملة التشهير والتخوين والشتائم التي انهالت عليهم من كل صوب؟
لماذا يُفترَض أننا في مجتمع مسلم زاخر بالمبادئ القرآنية التي نرددها صباح مساء مثل “لا تزر وازرة وزر أخرى”، ولكنها تزر أوزاراً وأوزاراً عند معشر مدعي التسربل بالتدين، أو “ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى”، فلا يكون للعدل عند أولئك النفر أي وزن أو قيمة، أو “إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين”، ومع ذلك نستمع للفاسق واتهاماته بحق البشر الأبرياء ونرددها وننشرها عبر “فيسبوك” أو “تويتر” أو واتساب أو غيرها دون خجل ودون حياء، ولا يعنينا أننا أخطأنا بحق أولئك الأبرياء، أو أن نندم، بل ننتهك خصوصيتهم، وندعو لسحب جنسياتهم وربما قتلهم، سواء أكانوا متهمين من “داعش” أو “حزب الله” أو غيرهما.
هل يملك أحد الجرأة ممن خوّن أولئك الذين ظهرت أسماؤهم وحُكِم لهم بالبراءة، أن يعتذر ويتأسف لهم؟ لا أظن.
لطالما سألني بعض الأصدقاء عن معتقلي غوانتنامو، لماذا أدافع عنهم وهم إرهابيون؟ والرد هنا بسيط، لن أتمكن من إطلاق حكم على أي شخص، أياً كان اتجاهه أو مذهبه أو فكره، طالما لم تدنه محكمة. وليست أي محكمة، فالعبارة الشهيرة “المتهم بريء حتى تثبت إدانته” هي عبارة ناقصة، حيث إن الإدانة لا تكتمل إلا أمام محكمة مستقلة نزيهة وتتوفر للمتهم فيها كل الضمانات للدفاع عن نفسه.
تلك هي المبادئ التي يُفترَض أن تتأسس على قواعدها المجتمعات التي ترغب في الاستقرار والنهوض والتقدم، أما إدانة البشر على معلومات مجانية فتلك جريمة لا تغتفر ولا تقل إثماً.