لا أذيع سرا حينما أقول ان الناس يعيشون حالة من القلق الحقيقي منذ إعلان القبض على «خلية العبدلي»، ومصدر القلق ببساطة، هو أن يحدث ما لا تحمد عقباه، فالإجراءات والخطوات والاحتياطات التي قامت بها وزارة الداخلية، وتشكر عليها، غير كافية ولا تشيع الطمأنينة المطلوبة بين المواطنين، كما لا تفيد في هذا الصدد بيانات عامة وعبارات مرسلة من مجلس الوزراء، تماما كما لا تنفع تصريحات تطمينية من قبل رئيس مجلس الأمة.
ان الناس يدركون أن المخطط في المنطقة اكبر بكثير من أن يكون «بزرع خلية» أو تهريب «أسلحة للكويت»، فهي تسعى لإحداث خلخلة وزعزعة مدوية في الإقليم، ولذا فمن السذاجة أن يتم الاكتفاء بإجراءات ردة الفعل الاعتيادية التي تقوم بها وزارة الداخلية أو الخارجية أو وزارة الشؤون ووزارة التجارة ووزارة الأوقاف، مصحوب ببيان مرسل من مجلس الوزراء. المطلوب تغيير لسياسات الدولة، تتمثل في مجموعة من الإجراءات غير الاعتيادية وليس في اجتماع «ناعم» من وزارة الخارجية سفير دولة ما، فلا بد من خطوات محددة تجاه التحريض ضد استقرار البلد، وتجاه السعي للتدخل بشؤون أمننا الداخلي، وتجاه «السلاح» المرسل للكويت، وتجاه القنوات المفتوحة لتجنيد من يهدد أمننا، فلا بد من شجب علني وإعلان عدم رغبة بـ «السفير» واستدعاء سفيرنا للتشاور، والتشدد بحركة التجارة والملاحة.
بل الناس يتحدثون عن خطوات تجاه «حزب الله» بإعلانه منظمة إرهابية مع ما يتبع ذلك من خطوات لازمة لقطع أي ارتباطات به شعبية أو عضوية.
إن الناس يتحدثون عن أن «ما هو خارج الفخ» أكبر مما هو «داخل الفخ»، مما يعني اتخاذ خطوات تمنع مأساة مفاجئة أو تكرارا لمأساة سابقة مرت علينا.
أن إظهار الوطنية ليست عبارات وشعارات براقة بل هي انتماء وولاء للدولة الإقليمية التي يعيش الإنسان في اقليمها وينعمون بخيراتها ومواطنيتها، مما يعني نبذه وتخليه عن كل موالاة خارجها تحت أي مبرر عقائدي أو فكري أو تنظيمي، وإلا فإنه يعيش ازدواجا للولاء يتنافى ومتطلبات المواطنة الصالحة، وينهض ذلك سببا كافيا لإسقاط أو سحب جنسيته، خصوصا في حالة الاصطفاف لجوار دولة أو منظمة تتخذ أعمالا عدائية ضد الكويت كما هو شأن حزب الله.
ولا بد من التأكيد هنا أن الوطنية الكاملة في الظروف الحالية تتطلب الحيطة والحذر من المواطن ومن أجهزة الدولة وعدم التعامل مع الأوضاع بتطمينات غير مجدية، إذ ان ذلك هو تفريط بالوطنية.