بعد الغزو العراقي الغاشم ونشوة التحرير أعلنت الحكومة إعادة الحياة للمجلس الوطني، ضاربة عرض الحائط بمخرجات مؤتمر جدة وتعهداتها فيه، وهنا استشعرت الإدارة الأميركية خطورة ما يحدث، حيث سيفضح ادعاؤها لشعبها بأنها حررت دولة ديمقراطية مستقلة لا مشيخة قبلية، وبالفعل دعت الإدارة الأميركية حكومة الكويت لإجراء انتخابات مجلس الأمة قبل انتخابات الرئاسة الأميركية وهذا ما تم فعلاً.
سر الاحترام الدولي للكويت هو أنها البلد الديمقراطي المستقل في وسط منطقة يسودها الرأي الواحد والحزب الواحد، ولا مكان للآخر فيها، فالتمسك بالدستور تمسك بالوطن وتلاحم وتعاضد، يصمد أمام كل المتغيرات الإقليمية أو الداخلية.
الاتفاقية الأمنية وما تحمله من مواد تتعارض مع الدستور الكويتي، يجد أنصارها أن الوضع الإقليمي الخطر حجة لتمريرها اليوم في مجلس الأمة، وفي المقابل على الحكومة أن تقدر الموقف بحكمة، فإقرار الاتفاقية يعني مزيدا من التأجيج الطائفي وتعلقا بخطوط غير مرئية.
صراعنا مع الاتفاقية الأمنية نابع من خشيتنا من فقدان مكتسباتنا الدستورية، فالتنسيق الأمني مع دول الخليج لا يحتاج إلى اتفاقية، والدليل التنسيق الأمني الحاصل في هذا المرحلة الحرجة، والتعذر بالوضع الإقليمي ليس حجة، فالمعركة هي صراع طائفي لا أمني، والحل والتنسيق الأمني مؤقتان، في حين توفير البيئة السليمة للتعايش بين أفراد المجتمع هو ما يجب أن تعمل عليه الدولة في إطار الدستور ومضامينه، وهو كفيل بالتصدي للتقلبات القادمة في الوضع الإقليمي.