انشغل العالم خلال هذه الفترة بعدة قضايا مهمة ومصيرية الا ان قضية هجرة عدد من المواطنين السوريين بحثاً عن مكان آمن كانت القضية الابرز خصوصاً وان عدداً كبيراً من المهاجرين قد غرق في بحار و محيطات العالم .
وان ابرز قضية كانت هي غرق الطفل آلان عبدالله شنو او “آلان الكردي” ، هذا الطفل الذي ترك مدينته “كوباني” مع عائلته ووجدت جثته على احد شواطئ تركيا حيث غرق هو ووالدته واخاه ولم ينجو من الغرق سوى والده ، فاصبحت هذه العائلة رمزاً لمظلومية الشعب السوري في للعالم .
هنا يجب ان نبحث عن اسباب هذه الهجرة ومصدرها ليتم معالجتها ، لكن في البداية ؛ لنعود بذاكرتنا الى سوريا قبل العام 2011 اي قبل ما يسمى “بالثورة السورية” ، ففي تلك الفترة ( ورغم ما يشاع عن ظلم واضطهاد ) ، الا اننا نجد ان سوريا لم تكن كما هي الان ( سوريا الدمار والقتل والهجرة ) بل كانت سوريا البلد السياحي الذي يصطاف به الآلف من كل دول العالم لطبيعتها و جمال مدنها، كانت سوريا هي سوريا المقدسات (حيث يأتيها المسلمون من مختلف دول العالم ومختلف طوائفهم لزيارة العتبات المقدسة فيها) .
بالاضافة الى انها كانت الارض التي تستقبل المهاجرين من مختلف دول العالم ايضاً ، فلا يمكننا ان ننسى الكم الهائل من الاخوة العراقيين والفلسطينيين والأفغان وغيرهم ، الذين تركوا ديارهم ولجؤوا لسوريا لما بها من أمن وأمان ، ولن ننسى أيضاً المثل الدارج آن ذاك والذي كنا نستمع له كثيراً : ( ان طيبة الشعب السوري بتنسيك همومك) .
فماذا حدث ولماذا اصبح المواطن السوري يتركها الان بينما كانت هي الملجأ للكل !؟ الفرق هو ان سوريا قبل 2011 كانت للسوريين وهم من يدير شؤونها رغم ما بها من سلبيات ، اما الآن وبحجة “الثورة الشعبية المزعومة” لم تعد كذلك حيث تم جلب مئات الآلاف من المقاتلين من عدة دول بأسلحتهم الثقيلة والخفيفة ، وبفكرهم الاجرامي النتن ، و بدعم من دول وشعوب مختلفة تجمعوا فيها وعاثوا بها فساداً وقتلاً وتهجيراً وتفجيراً .
وبسبب الحملات العالمية المشؤومة لتسليح “الثوار” وتجنيدهم اصبح المواطن السوري غريب في بلدة ولا يأمن على نفسه وعلى اهله ، وبحجة طلب الحرية اصبحت لغة قطع الرؤوس والايدي هي اللغة السائدة في عدد من المناطق التي يسيطر عليها تلك الجماعات ، فقرر الكثير الهجرة ليهرب من هذه الجماعات التكفيرية التي سيطرت على بقاع كبيرة من الاراضي السورية ، وليبحث عن مكان يستطيع ان يوفر فيه الأمن له ولعائلته ، حيث اصبح الرجل يخاف على اطفاله من القتل ، وعلى نساءه من السبي والاغتصاب من قبل هؤلاء الهمج الذين يتلذذون بالجرائم ويتفننون بها .
فيتضح الان ان ذنب هؤلاء المهاجرين من اطفال ورجال ونساء يقع بذمة عدة جهات وأهمها الدول الراعية لتلك الجماعات التكفيرية و لمن وتبرع بماله لتسليحهم من شعوب تم التغرير بهم من قبل تجار الدين الذين اسسوا وسلحوا هذه الجماعات التي ارهبت المواطنين ، و بعد كل هذا يقومون الان بالبكاء عليهم ، اي اصبحوا وكما يقول المثل ( يقتل القتيل ويمشي بجنازته) .
فهنا ومع الدعوة لفتح الحدود العربية والاسلامية لإستقبال اللاجئين السوريين ، يجب ان يتم فتح باب محاسبة المتسببين من حكومات وتجار دين وفضائيات ساهموا بحماقتهم بتهجير هذه العوائل ، والسعي للحل السياسي الذي يكفل للشعب السوري ان يعيش ببلدة كريماً آمناً مطمئناً ويضمن مغادرة الغرباء وعودتهم الى بلادهم لتعود سوريا كما كانت وأفضل .
حفظ الله سوريا واعاد الله لها الامن والأمان ، وأعاد الله للأمة رشدها .