مؤلمة تلك المشاهد والصور التي شاهدناها وتناقلتها وكالات الأنباء ومواقع التواصل الإجتماعي لمئات القتلى السوريين غرقاً في ظُلمات البحر المتوسط ، هرباً من جحيم حرب ضروس وبحثاً عن حياة جديدة حلموا بها وعقدوا الآمال الكبيرة عليها لتلتطم وتهلك في لُجّات بحر لا يعرف رحمة ولا شفقة ، في زمن قست فيه القلوب وتحجرت أمام صراخ وعويل الأطفال والنساء والشيوخ الذين يرون الموت بأعينهم كل دقيقة وكل ساعة وطال بهم أمد معاناتهم ولم يُخيّل لهم بأن شبح الموت سيكون رفيقهم في كل محطاتهم ليبدأ معهم من مدن الموت في سوريا مروراً بقوارب الموت وشاحنات تجار وعصابات التهريب وانتهاءاً بالإجراءات التعسفية على حدود دولٍ أوروبية لا يذكر التاريخ عنهم إلا معاداتهم وحقدهم الكبيرين على العرق العربي المسلم !!
الآلاف قضوا إما غرقاً وإما اختناقاً في شاحنات التهريب في سبيل إيجاد ولو بصيص أمل في العيش الكريم وضمان مستقبل لهم ولعائلاتهم ، فأي ذلٍ هذا وأي ضعف وهوان وصلنا إليه ونحن نرى معاناة إخوة لنا في العرق والدين والمصير المشترك وهم يذوقون أقسى ألوان الإضطهاد والإذلال ونحن لا نكترث ولا يعنينا ما يحدث ومنشغلون في شهواتنا ورفاهية العيش ، ويقف عالمنا العربي والإسلامي موقف المتفرج بعدما أوصد أبوابه وتنكّر للشعب السوري المكلوم ولم يناصره ويقف معه ضد سفاحه وأعوانه من قوى الظلم والطغيان ، ليجد هذا الشعب المظلوم نفسه وحيداً لا يرتجي إلا النصر والرحمة من ربه بعدما يإس من نصرة إخوانه وتعاطف المجتمع الدولي معه لتكون المحادثات العقيمة والظالمة هي سيدة الموقف في هذه المرحلة ، وأصبحت لغة الموت هي مصير من يعيش في مدن الموت في سوريا إما منتظرين براميل بشار لتحصد أرواحم وإما محنة اللجوء على الحدود وإما أن ينفذوا بجلودهم لمكان آمن في أوروبا يجدون فيه أبسط حقوقهم في العيش الكريم !!
ولعل الحالة الأخيرة ليست بأقل سوءاً من الأحوال الأخرى فمعاناة البحث عن ملجإ آمن من الخيارات التي جازف بها الآلاف وفقد العديد منهم أرواحهم في سبيلها ، وما تناقلته وسائل الإعلام في الأيام الفائتة عن معاناة آلاف السوريين على حدود بعض الدول ألأوروبية وعدم معاملتهم وفق ما استندت عليه المواثيق الدولية بالنسبة للمهاجرين والمنكوبين تحكي قصة أخرى في فصل الأهوال التي واجهتهم ، يحدث كل ذلك وسط تخاذل عربي لا مثيل له ودون أي تحرك فعّال من شأنه أن يُعالج حجم المعاناة التي يعانيها الشعب السوري منذ قيام ثورتهم قبل خمس سنوات ، فلو أنه تم استيعاب هذه الأعداد من المهاجرين واستضافتهم في مناطق آمنة من دولنا العربية ويتم توفير الحياة الكريمة لهم والتعليم المناسب والخدمات الطبية لما حدث للآلاف منهم ما حدث من موت وتشريد وذل واستغلال ، ولكننا للأسف انطبق علينا المثل الذي يقول ” أُكلتُ يوم أُكل الثور الأبيض ” !! فغابت هيبتنا يوم نزعنا ثوب النخوة والإيثار حتى تكالب علينا الأعداء من كل صوب وحدب !!
فبئس الأمة نحن !
فاصلة أخيرة
إيران جاهرت بعدائها لنا وأعلنتها على الملإ بأن دولنا ليست إلا جزءاً من امبراطوريتها الصفوية ، فأي غباء واستحمار تمارسه بعض دولنا في التودد لها والتفاخر بتوطيد علاقاتها معها بالرغم أنها إما تحتل جزءاً من أراضينا أو تثير الفتن فيها وتحرك خلاياها بداخلها !!
حتى قرار سحب السفراء وقطع العلاقات لا تملكون الشجاعة في اتخاذها !!
وما دمنا على هذا الحال فللنتظر نهاية غير سعيدة للثيران الستة !!