أعتقد أن كل من يعنيه الأمر، ومحروق قلبه على الكويت فرح لقرار الخطوط الجوية البريطانية، لو صح ما تردد في وسائل الاعلام، إيقاف رحلاتها من الكويت وإليها، اعتباراً من نهاية سبتمبر المقبل، بسبب ضعف الإجراءات الأمنية في مينائنا الجوي اليتيم، وخوفاً من أن تستغل جهات «إرهابية» الثغرات الأمنية فيه لخطف طائراتها. علما بأن قرار هذه الشركة لم يكن حتما مفاجئا لوزارة المواصلات (وسلطات المطار)، فقد سبق أن طالبت مرارا وتكرارا أن تقوم هي (الشركة) بمهمة تفتيش الركاب مثلا، ولكن «العزة الوطنية» رفضت ذلك. كما أن قدم الأجهزة الأمنية التي تُستخدم في المطار يشكل خطورة كبيرة على الأمن. وأضافت الشركة أن مطار الكويت لا يمانع مثلاً في قيام اي مسافر بأخذ ما يريد معه من سوائل إلى الطائرة، وهذا يخالف الأنظمة الدولية. ولا شك في أن شركات عالمية أخرى ستحذو حذو الشركة البريطانية، وتوقف رحلاتها إلى الكويت ومنها في حال توقفت هذه، وهذا أمر متوقع جدا، خاصة أن ما تطالب به «البريطانية» لا يمكن تحقيقه بسهولة، في ظل البيروقراطية الحكومية، في ما تبقى من وقت، والأمر يتطلب معجزة إدارية.
وضع مطار الكويت، المخترق أمنياً، والمتآكل فنياً والخرب إدارياً، يماثل كثيراً، في خطورته وتسيبه، وضع بقية الموانئ البحرية والبرية. حيث أثبتت وقائع وأحداث كثيرة أن مطلوبين للعدالة ومجرمين خطرين تمكنوا من الخروج والهرب من الكويت بسهولة، وبمساعدة مواطنين ينتمون ربما إلى فئاتهم القبلية أو الطائفية نفسها!
إن الفرح بقرار «البريطانية» ليس من منطلق الشماتة، بل أمل في أن يكون قرار هذه الشركة جرس إنذار، طالما قرعناه، ولكن لم ينصت إليه أحد.
فموانئ الكويت البحرية تشكو من تسيب خطير، والأمن داخلها، وليس على مداخلها، كما حاول مديرها أن يقنعنا، يبلغ درجة الصفر، وتقع الكثير من الحوادث الخطيرة في الداخل بسبب عدم الاهتمام بقضايا الأمن، كما أن الجهة المعنية بسلامة الإجراءات الأمنية الضرورية داخل وحول أرصفة الموانئ شبه غائبة.
إن هذا الوضع الأمني المتراخي على المنافذ الحدودية ليس بسبب تقصير جهة محددة يمكن الإشارة إليها صراحة فقط، بل هو أيضاً جزء من خراب يزحف على مؤسسات الدولة واحدة تلو الأخرى، وإن بهدوء، ولكن باستمرار، وستقع كوارث كثيرة قبل أن تستيقظ جهة ما وتطلق نفير الخطر، وهذا، مع الأسف الشديد، لن يحدث بين يوم وليلة.