مجالس الامة عندنا كلها، ومنذ البدء في الأخذ بالتجربة الديموقراطية التي تحولت أخيرا الى نظام ارتضاه الكويتيون، مجالس الامة كلها منحت الحكومات المتعاقبة الثقة الكاملة. وأقرت وأشادت في كثير من الاحيان ببيانات الحكومة او ما يعرف بالخطاب الاميري الذي يجسد نوايا ومشاريع الحكومات التي تتبناه. وحده المجلس الاول في عام 1964 قاطع اعضاؤه جلسة قسم الوزراء في اشارة الى رفضهم للحكومة بحجة مخالفة المادة 131. عدا ذلك فإن كل الحكومات نالت على الثقة الكاملة وحتى الثناء والاطراء من مجالس الامة الكويتية.
صحيح انه جرت استجوابات ومناقشات لبعض الوزراء، وحتى طرح ثقة في رئيس الحكومة. لكن يبقى المؤكد ان مجالس الامة في النهاية منحت ثقتها للحكومة وفوضتها مرارا وتكرارا بـ «الهيمنة» على شؤون وشجون الدولة.
مجلس الامة الحالي حاله حال ما سبقه من مجالس. منح ثقته للحكومة وفوضها منذ الايام الاولى لادارة الشأن العام. بل ان هذا المجلس، كما يشيع مناوئوه، هو الاكثر التحاما وقربا من الحكومة. والحال كذلك.. فان مطالبة فلول المعارضة وبقايا الحراك مجلس الامة الحالي، او مجلس بصوت كما يسمونه، بعقد جلسة خاصة لمناقشة «الاحتلال الايراني» المزعوم هو غباء مركب وتدليس فاضح ومحاولات واضحة ومفضوحة لاحراج اعضائه وتشويه العلاقة المتينة التي تربطهم بالحكومة.
طالما ان المجلس، الحالي او غيره، منح ثقته للحكومة واقر برنامجها فان المفروض والمنطقي ان يعمل بمبدأ فصل السلطات، وان يترك للحكومة وحدها ودون مسائل او منازع التعامل مع القضايا والازمات. محتفظا بحقه الدستوري في مساءلة او حتى محاسبة الوزراء منفردين او مجتمعين عن نتائج سياساتهم وقراراتهم. اما ان «يشاع» بان ايران احتلت «حقل الدرة» وان تتم مطالبة مجلس الامة بناء على هذه الاشاعة الكاذبة بعقد جلسة خاصة واثناء إجازته فهذه ليست الا احلاما مريضة لمرضى وجرحى الصوت الواحد.
اعتقد ان على اعضاء مجلس الامة، وعلى الرئيس مرزوق الغانم بالذات ان يُكع.م في المستقبل اي دعوات سخيفة وغبية مثل هذه عوضا عن الاستجابة لها. وان يرسي علاقة ومبدأ ديموقراطيا ودستوريا راقيا في الرقابة اللاحقة للحكومة ولسياساتها وليس الرقابة المسبقة والتدخل المفرط في ما لا يعني المجلس وفي الغالب في ما لا يفقه فيه اعضاؤه كما كانت تفعل المجالس السابقة.