ما أصعب المفارقات، وما أقساها من حكاية.. حكاية الشعب الفلسطيني الذي أصبح قدره أن يرى كل يوم متناقضات جديدة، ما أصعب أن تتحدث عن جدار الموت الذي غرس في جسد القطاع ليزيد من ألمه وحصاره، وليزيد من بؤسه وشقائه.
إنه جدار الموت الفولاذي على الحدود الجنوبية من قطاع غزة المحاصر، ليس من صنع بني صهيون هذه المرة بل هو من صنع الدول العربية والشقيقة الكبرى مصر؟!!!
وفرنسا التي شاركت مصر في حصار غزة وبناء هذا الجدار بالتعاون مع القوات الأمريكية هي نفسها فرنسا التي قتلت آلاف المصريين في العدوان الثلاثي، لكن يبدوا أن كل الأعداء يصبحون أصدقاء عندما يكون الهدف القضاء على الإسلام والمسلمين في قطاع غزة .
وفي المقابل وما أجمل أن تنظر بعينك بعيداً عن الحدود، فترى من جاءوا وقطعوا ألاف الأميال نحو غزة، فتشعر بالخجل أن القادم لينقذك ليس عربياً مثلك، بل هو غربي.
ما أصعب تلك المفارقات حقاً.. فلم يعد غريباً أن ترى عربياً مسروراً لحصارك، وأن ترى في المقابل غربياً يتألم لوجعك وموتك وهذا ما جسدته مئات الزيارات والوفود التضامنية من شخصيات ومؤسسات غربية لقطاع غزة
هذا هو قدر غزة، غزة التي حاول كل المتآمرون أن يطفئوا فيها شمعة الإيمان فيها لكنها ثبتت رغم كل العدوان، غزة التي ردت على قتل علمائها في حرب الفرقان بتخريج أكثر من 16000 حافظ وحافظة لكتاب الله, غزة التي أبدعت في صمودها، وأبدعت في ثباتها، وأبدعت في إنتصارها، وأبدعت في مقاومتها وجهادها حتى باتت عنوان لكل المظلومين والمضطهدين في العالم.
بينما مصر التي تدعي أن الجدار يوفر الحماية للأمن القومي المصري ، تدرك تماماً أن أكثر من حافظ ويحافظ على أمن مصر هي غزة وشعب غزة الذي كان على مدار قرون خلت حصن أميناً في الدفاع عن مصر وشعبها.
إن من يضر بأمن مصر القومي ليس غزة يا حكومة مصر، من يعبث بأمنكم القومي هو من قتل آلاف الجنود المصرين في العدوان الثلاثي.
من يعبث بأمنكم القومي هو من يشارككم في بناء الجدار حول غزة، وتشديد الحصار على أهلها المظلومين.
مصر وبعض الدول العربية التي تدفع اليوم ملايين الدولارات لتحاصر غزة وأهلها، وهي تدرك أنها ستفشل، وعليها أن تنظر لشعبها الذي يعيش أكثر من نصفه تحت خط الفقر بلا عمل ولا مأوى.
صعب أن تتكلم عن الجدار الذي يصنع بأيدي الأخوان العرب وفي نفس الوقت تتكلم عن قافلة شريان الحياة القادمة من أوروبا لفك الحصار عن غزة, تلك القافلة التي سارت آلاف الأميال تخطت الصعاب وبرد الشتاء ووعورة الطريق، لأجل مساعدة أطفال غزة بينما تقف اليوم عاجزة عن قطع بعض كيلو مترات باتجاه غزة التي تحت الحصار الظالم منذ سنوات.
صعب أن ترى تركيا ودول أوروبا تقيم احتفالات ضخمة لأستقبال وأرسال قوافل من المساعدات الأنسانية لشعب غزة بينما تجبرها مصر على المبيت في العراء وتمنعها من الوصول لقطاع غزة، وتقول أيضاً إنها خطر على أمن مصر القومي؟؟!!
وها هي مصر اليوم وضعت نفسها حقاً في قفص الاتهام، فكل ما تقوم به مصر اليوم من بناء لجدار الموت ومنع قوافل المساعدات ليس له إلا مبرر واحد.. وواحد فقط؟ هو أن مصر قبلت أن تكون عبداً رخيصاً في يد أمريكا ودولة الكيان.
لكني أقول للحكومة المصرية من قلب غزة المحاصر، إن غزة ما ركعت يوماً إلا لله، وإن غزة التي تصدت بأجساد أبنائها لأرتال الدبابات وأنتصرت في الظروف والحروب ، وحفرت الأرض لفك الحصار لن تسمح لأحد أن يخنقها، ولن تسمح لأحد يزيد من معاناتها مهما كانت النتائج.
فجدار موتكم الفولاذي سيهدم، الحياة في غزة سيمتد، وستنعم غزة بالحياة, وستبقى هامات أبنائها مرفوعة نحو السماء ، غزة صراع تاريخي ازلي
لن ينتصر بالسلم
ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة
غزة ستنتصر أنتصار سياسي ساحق في هذه المرحله وينقل القضيه الفلسطينيه الى مرحلة أخرى وأفق أخر وجيل جديد يحدد المسار السياسي الفلسطيني القادم ، كما إن المدنية تهدم المعبد وتكشف الخدع حتى وإن كانت بحجم حصان طروادة
والديموقراطية تهدم جدار الموت كما هدمت جدار برلين !
ولكم التحية