منذ سنوات وأنا أطرح فكرة تجديد معظم الطبقة السياسية في البلد، ومن المنطلقات الجوهرية لهذا الطرح، هو قناعتي الواضحة أن «معظم الطبقة السياسية الحالية» قد ألحقت بالبلد حالة من «الإرهاق الكامل»، وهو ما انعكس بدوره على الضعف، والجمود، والتخبط، والهدر، والفساد، والتردد، الذي تعاني منه الدولة. وهو ما يعني أن من تسبب في كل ذلك لا يمكن أن يحدث تغييرا أو يرتجى منه عطاء، ففاقد الشيء لا يعطيه، بل الأسوأ هو أن بقاءها واستمرارها سيعرض البلد لانهيارات مؤلمة، فأغلب الطبقة السياسية الحالية أدخلت البلد في دوامات متتابعة من الصراع والمناكفة والاقتتات على انتصارات واهية أورثتنا حالنا التي نعانيها. ولئن كنت أرى أن تجدد الطبقة السياسية ملحا قبل عشر سنوات، وأنه أكثر إلحاحا قبل خمس سنوات، فإنه صار حتميا اليوم، والتجديد الذي أطرحه يشمل الأمور الآتية:
– طي صفحة معظم شخصيات الطبقة السياسية السائدة منذ ما بعد التحرير إلى اليوم، بالحيلولة بينها وبين التواجد في أي مواقع عامة أو مؤثرة، بإحالتها الإجبارية الى التقاعد لضمان التجديد.
– الانتقال الى منهجية جديدة في تكوين واختيار شخصيات الطبقة السياسية الجديدة.
– تأهيل نظام انتخابي جديد يحقق منهجية جديدة لظهور الشخصيات السياسية، ومنهجية النقلة المفقودة في العمل السياسي، نظام ينهي تمثيل الطائفة أو الفئة أو القبيلة أو المنطقة، ويخلص الانتخابات من ظواهر شراء الأصوات ونقل قيود الناخبين، والانتخابات الفرعية، وتحكم المال السياسي، وظاهرة نائب الخدمات، نظام فيه نفسه ضمانات التصحيح المستمر.
– تحفيز العمل البرلماني والحكومي لمحاكاة أفضل الممارسات في المجالين البرلماني والحكومي، سياسيا ولائحيا وميدانيا، بعيدا عن الدوران حول الذات، الذي هيمن عليهما وأفقدهما كل قدرات إحداث التغيير. وتلاشت بسببه الممارسات البرلمانية الرشيدة والحكومة المتجددة بتغييراته ومحدداته.
– تجديد يطهر العمل البرلماني والحكومي من الشوائب التي شوهته وأساءت إليه، مصحوبا بتعديل آليات نمط العمل فيهما، وتكريس لوائح أخلاقيات وسلوكيات العمل البرلماني والحكومي.
– تعزيز محفزات التسابق للذود عن الحريات وقيم التعددية والتعايش واحترام الرأي الآخر.