ايران اعلنت عن مناقصة لاستثمار حقل «الدرة» المختلف عليه مع الكويت، والذي «تتنازع» ملكيته معهما المملكة العربية السعودية. ما ان اعلن عن هذا الخبر الفني البحت، حتى تحول كل المغردين في تويتر الى وطنيين غيورين على الوطن الكويتي وحقوقه. وتقدم هؤلاء جميعا وبشكل لافت للنظر نواب الاخوان المسلمين واعلاميو ما يسمى بـ«الحراك».
ليس لدي اعتراض، وليس من المفروض ان يكون، على حرص البعض على التدليل على وطنيته. لكن لدي اعتراض على شكل وموضوع هذه الوطنية المستجدة. فالسادة «الوطنيون» كانوا لا مبالين ونائمين بالعسل في حالات كثيرة مشابهة لم تكن ايران طرفا فيها. لهذا فإن «شعورهم» هنا ليس وطنية او اخلاصا للبلد، بقدر ما هو عداء خاص بهم وبعقليتهم المتخلفة تجاه الآخر الذي هو ايران، في حالة الاخوان، وانتقام من السلطة في حالة منتمي «الحراك» او جمعا بين الاثنين. ليس شعورا وطنياً وليس غيرة حقيقية على مصالح البلد، بل تعبير عن مشكلة يعاني منها بعضنا في التوافق والتعايش مع الغير.
حتى الآن كل ما حدث هو اعلان ايراني عن نية العمل في الحقل «المتنازع» عليه. وحكومة دولة الكويت الشرعية اعلنت رفضها للخطوة الايرانية. ليس لانها اعتداء على ممتلكات كويتية او تعد على حدود الكويت، ولكن لان ايران باشرت بالاعلان عن نية بدء العمل «دون تنسيق» مع الطرف الكويتي. هذا ما فهمته انا، وقد اكون مخطئا، لكني اعلم ايضا ان الكويت احتجت مرارا، وهذه ليست اول مرة، على محاولات ايران التنقيب في حقل الدرة قبل انتهاء مباحثات الجرف القاري، التي نسمع عنها منذ الثمانينات! بل ان الايرانيين قبل اسابيع اوقفوا «مشكورين» اعمال التنقيب في الحقل بعد احتجاج الحكومة الكويتية.
لقد نجحت حكومتنا في التعامل دبلوماسيا مع النزاعات الحدودية البترولية سواء مع المملكة العربية السعودية او مع ايران. وجار، كما نتمنى، التوصل الى اتفاق سلمي يحفظ «ادعاءات» ايران تماما مثل ما يحفظ «ادعاءات» الكويت والمملكة. لهذا رجاء.. اقمتوا وطنيتكم المستجدة وانبذوا حقدكم وتناسوا خلافاتكم مع السلطة.. فاللعب بنار الحروب والاقتتال لا يورث غير الرماد.