وصلني سؤال من إحداهن تستفسر حول ما الذي يمكن أن يقدمه مرشحو الانتخابات البلدية؟ في الحقيقة كانت الأسئلة أكثر من مجرد استفسارات عامة عن الانتخابات وآليتها، بل هي حول مفهوم ما يمكن تقديمه فعلا للإقناع بالهدف. وقد اطلعت على موقع “انتخاب” التابع لوزارة الشؤون البلدية والقروية، ووجدته موقعا يستحق الإشادة فهو كامل التحديث ومملوء بالمعلومات والخدمات الإلكترونية. وكون هناك بعض القصور في مسألة الوصول إلى المراكز الانتخابية والبيروقراطية أو حتى قلة التكثيف الإعلامي وغير ذلك، وأتمنى أن ما يشاع لن يكون مثبطا.
ولا شك أن الحدث الأهم في ذلك هو مشاركة المرأة في انتخابات المجالس البلدية ترشحا وانتخابا للمرة الأولى هو فرصة تاريخية، وذلك لتسهم بشكل إضافي في عملية التنمية. أصوات النساء لم تعد نشازا، فالعملية الانتخابية هذا العام هي الأضخم بلا شك باكتمال نصفي المجتمع معا. ولهذا كان من المهم الاستعداد له بالصورة التي تضمن الارتقاء بالمستوى النوعي، ورفع مستوى الوعي، وتحفيز أكبر قدر من المشاركة. لا شك أن لدي هناك معرفة متنامية بالانتخابات البلدية في المجتمع خصوصا مع التجربتين السابقتين للرجال. وتبقى أهمية الإمكانات والخبرات المتنوعة التي تؤهل المواطنات في أن يسهمن في هذا الدور المهم، وذلك من منطلق الشعور بالمسؤولية الوطنية والدور الاجتماعي. والأهم هو التكاتف بين المواطنين والأجهزة الرسمية لدفع مسيرة التنمية وتحسين حياة المواطنين. لذا فلربما هناك حاجة لجهود إضافية بطبيعة الحال لإقناع السيدات بالمشاركة والذهاب إلى مراكز الاقتراع، ويعتمد ذلك على المنطقة وديموغرافيتها وإحصائياتها، فلا بد أن هناك اختلافا نسبيا بحسب كل منطقة ومدينة. ذلك بالطبع يتطلب وجود جهات استشارية رسمية أو ربما غير رسمية.
مشاركة المرأة تنطوي على نجاح متوقع، فالمرأة قد تكون أكثر متابعة بطبيعة الحال لكثير من الأمور المتعلقة بالشؤون البلدية لما تتميز به بطبيعتها من إتقان غالبا ودقة ملاحظة للتفاصيل، كما أن المرأة متعودة على المسؤولية الأسرية وتفاصيلها. لذا فمن الطبيعي أن يكون نجاحها واهتمامها بهذا النجاح عاليا كتجربة جديدة ترغب في إنجاحها وستفعل، لا سيما فيما يتعلق بشؤون الصحة البيئية والبلدية والعمارة وتنسيق المدن أو حتى العمل على دفع المجتمع للانخراط في قضايا تنموية وتطوعية أيضا كما في الدول الأخرى. وليست الدول العربية النموذج البسيط بل الدول الغربية أيضا لديها تجارب رائدة من بينها أمريكا ومثال ذلك مجالس الأحياء، هي التي تهتم بتفاصيل عدة منها تطوعية، كالتي تتعلق بمساعدة الأطفال والشباب، أو ما يتعلق بالأسرة والجيران وأمن الحي، وغيرها من الخدمات المختلفة الترفيهية والرياضية والثقافية أيضا، أو حتى ما يرعى الفئات المحتاجة من المجتمع المحلي.
عادة ما تفتح الفرصة الواحدة أبوابا عدة، وتشرع المساحة لتعود المجتمع وتقبله وانفتاحه على الأفكار. ومن ذلك بطبيعة الحال دور المرأة الذي أرجو أن يتسع شيئا فشيئا، فيعزز النمو الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والانفتاح الفكري الاجتماعي الأشمل وهذا هو المهم. لذا فتفاعل المرأة مع احتياجات المواطنين ومع الشأن البلدي ومشاركتها ستعطيها أيضا دافعا أكبر للاهتمام بالشأن العام وبعدا أعمق وتأثيرا أشمل وأكثر وعيا مما نراه الآن. إن أي حراك اجتماعي هو حراك صحي، يتعدى الفعل ورمزية الفعل نفسه إلى تأثيراته القادمة، وهذا هو الأهم، على الوعي والفكر والمجتمع وهكذا.