يقوم يوميا عشرات الكتاب بسلخ وملخ جلد الحكومة، والذم والقدح في تصرفاتها، وسوء قراراتها، وما يعشش في أروقة مؤسساتها من فساد وتنفيع. ولكن من تمسهم التهم في واد آخر، «نازلين بلع ونهب»، وليذهب الكتاب للجحيم!
***
سبق أن كتبنا عن وزير كويتي سابق سعى لدى سلطات بلده، لكي تتبرع للمناطق الجبلية التي يكثر فيها المصطافون الكويتيون، بمحطات توليد كهرباء لتأمين استمرار وصولها لهم. سمعت مافيا الديزل بالخبر، فتراكضوا لإيقاف المشروع، ووجدوا ضالتهم في السياسيين، من اصحاب الذمم الواسعة، وما اكثرهم، فذهب هؤلاء لمن بيدهم الأمر ووأدوا المشروع في مهده!
سبب كل هذه الفزعة والرجاء والاستعطاف أنه لو قامت الحكومة الكويتية بتلبية طلب الوزير، وتم تركيب محطات الكهرباء، فإن ذلك يعني توقف اصحاب مئات منازل المصطافين واللبنانيين عن شراء الديزل لمحركات توليد الكهرباء من المافيا اللبنانية، وستتأثر أرباحهم!
وبوجود هذه المافيات، فإن وقتا طويلا سيمر قبل ان نرى الكهرباء في لبنان، وقد عادت لحالتها الطبيعة، هذا إن عادت!
في الكويت، التي أصبحت أشبه بلبنان، منها لأي دولة اخرى، في سوء خدماتها وفساد غالبية مؤسساتها، توجد جامعة حكومية واحدة بنيت قبل نصف قرن (1966)! وفشلت الحكومة، حتى الآن، أو عجزت عن بناء اخرى! ولتغطية هذا العجر، وتلبية طلبات آلاف الراغبين سنويا في الحصول على تعليم جامعي، وفي ظل عجزها عن توفير هذه الخدمة لهم، قامت الحكومة بتشجيع القطاع الخاص على بناء وإدارة جامعات أهلية، وقدمت الحكومة له مختلف المغريات المادية والتسهيلات، فنبتت الجامعات الجادة والدكاكينية كالفطر البري، وبعض الفطر سام!
ولتكملة حلقات سلسلة التنفيع، قامت الحكومة بتغطية رسوم الالتحاق بتلك الجامعات، وخلال فترة قصيرة وصل مبلغ الدعم لربع مليار دينار تقريبا سنويا، أي 800 مليون دولار، مقابل التحاق آلاف الطلبة الذين لم تستطع الدولة استيعابهم في جامعتها اليتيمة! وهكذا استفاد أصحاب الجامعات الجادة، وحتى تلك المشكوك في قانونية «قانونيتها»، من تلك الخطة، ومن تحصيل الرسوم العالية. ولولا انتماء اصحاب الكثير من هذه الجامعات لأحزاب دينية، والإخوان بالذات، لما حصلوا على تراخيصها ولا أراضيها المجانية!
ويقال ان الحكومة قامت «عمدا» بالتوقف عن إرسال أي طالب لدراسة الحقوق مثلا لمصر والاردن، وبالتالي لم يجد راغبو هذا التخصص أمامهم من سبيل غير الجامعات المحلية للالتحاق بها.
وبما أن وقتا طويلا سيمر على اللبنانيين، قبل أن يروا عودة التيار الكهربائي لحالته الطبيعية، فسيمر علينا في الكويت وقت طويل قبل أن نرى جامعتنا الثانية، هذا إن رأيناها. وفي الحالتين علينا البحث عن المستفيد «القانوني»!