حوار مثير وجدل عقيم ذاك الذي يستهلك به الكويتيون نقاشاتهم، ويبدأ الحوار بطرح ثلاثة أسئلة، وهي:
– إلى أين يتجه البلد، وما القراءة المستقبلية له سياسيا ومصيريا؟
– متى وكيف يمكن أن يوقف منحنى الانحدار وعلى يد من؟
– متى يشعر الناس أن ترفهم الحياتي عالة على الدولة واستمرار حالهم محال؟
وما ان يبدأ حوارهم حتى تدرك أنه مضيعة للوقت خاو من الجدية تغلب عليه الأنانية والترف وعدم المسؤولية.
فأحدهم ينتقد الأوضاع بحدة بالغة وتكاد تستشعر أنه يرفض الممارسات الفاسدة، وبعد لحظات يذهلك قوله ياليت تتم زيادة مرتباتنا التقاعدية!
وآخر يسدد سهام عباراته اللاذعة للحكومة ثم تجده يهرول بدهاليز الوزارات مع بعض النواب طمعا في تعيينه مديرا أو وكيلا مساعدا وهو غير مستحق.
وتستوقفك شجاعة ثالث وحجته في كشف سوء ممارسات مجلس الأمة والحكومة، وإذ به يعتبر سمسارا لطلبات العلاج بالخارج والتعيينات الوهمية.
– ويعجبك قول من يتحدث عن مستقبل البلد ويطرح حلولا معقولة سياسيا وماليا واجتماعيا للخروج من دوامة المستقبل المجهول، وإذ به في وجهه الآخر يطالب بتوزيع العطايا والهبات، ويساند الكوادر الخاصة وزيادة المرتبات، وكأن البلد تركة يتم توزيعها بالكامل، فتدرك أنه منظر بلا مصداقية!
وتستمع لنقاش دواوين النخب والفعاليات المؤثرة حول خطورة الانحدار الذي يتجه إليه البلد، وما ان يطالب أحدهم بمساهمة عملية من كل منهم، حتى تدرك خواءهم، فهذا يقول أعذروني لحساسية منصب، والثاني انه لا يريد أن يخسر مناقصاته وعقوده مع الحكومة، والثالث متردد عن قول الحق حتى لا يخسر علاقاته بأصحاب القرار،، وآخرون مثل حالهم وأسوأ، فترى وجوها شاحبة ومصفرة!
وبعد ذلك تحاول أن تضع مع بعض الجادين، وهم قلة، بعض الإجابات الممكنة عن الأسئلة المطروحة، فتقف معهم أمام حيرة بالغة، فمنذ عام 1985 فإنه كلما جاءنا مجلس أمة منتخب كان أكثر سوءا من الذي قبله حتى صار الرجاء بمجلس أمة يمثل الأمة، تبين أن ذلك رجاء بعيد المنال، وكلما جاءت مرحلة تشكيل حكومة جديدة تحمس الناس أن تغييرا قادما، وسرعان ما تتبخر حماستهم بعد أن تشكل الحكومة، فواحدة تشكل تلو الأخرى والحال كما هي عليه والتراجع مريع، إذ تكتشف أننا عدنا إلى نقطة الصفر في كل مرة.