الإرهاب والإرهابي لا مذهب ولا دين ولا ملة له. وقد أفادت دراسة حديثة بأن الإرهاب غير المرتبط بالدين أكبر عدداً. فأياً كان الذي يقوم بترويع وقتل الناس الأبرياء بحجج دينية أو غير دينية فحججه مردودة عليه، وهي مرفوضة مهما كانت المبررات.
ولذا فإن رفض واستنكار الجريمة الإرهابية التي استهدفت مسجد الإمام الصادق يقابله استنكار واضح للكشف عن خلية إرهابية وترسانة أسلحتها المرعبة في العبدلي. فلا يمكن التعامل مع الأولى على أنها جريمة سنية استهدفت مسجداً للشيعة، أو أن الخلية الأخيرة هي خلية شيعية تستهدف أهدافاً سنية. ولكن نتعامل معهما على أنهما جريمتان إرهابيتان تستهدفان أمن واستقرار الوطن. وفي كلا الحالتين من غير المقبول تعميمهما على من هم خارج دائرة الاتهام شيعة كانوا أو سنة.
فلنتفق على استنكار كل ما من شأنه أن يضر بأمن البلاد عن طريق العنف من أي ملة جاءت، ولننه بذلك جدلاً سمجاً يسعى للدفع به للمقدمة المتطرفون والشامتون والمستهترون من الطرفين. من ثم ننتقل إلى طرح الأسئلة: لماذا وصلنا إلى ما وصلنا إليه من ترد أدى إلى انغماس نفر من أبناء البلد من شيعة وسنة في تهديد أمنه وتكدير صفو استقراره. وهذه حقيقة مؤلمة لا يمكن التعامل معها بالتخوين العمومي، أو أن يندفع نفر من هذه الطائفة أو تلك للتحريض ضد الطائفة الأخرى بتجاوز القانون “والضرب بيد من حديد”، والدعوة إلى قتلهم أو إعدامهم وعلى سبيل الاحتياط سحب جنسياتهم، حتى دون محاكمة، هكذا. ولتتوجه اليد الحديدية تلك ضد المذنب وليس في إطار التعميم حتى على الأبرياء، فالقوة لا تتحقق بضرب الأبرياء بل بعزل المجرمين اجتماعياً، والنجاح في ألا يصبح المجتمع حاضنة اجتماعية للفكر المتطرف والعنيف.
ننتمي إلى مجتمع صغير، عقيدة العنف فيه ضعيفة، وللأسف إدارته الحكومية كذلك. وبالتالي فإن التعامل مع الإرهاب يتطلب جهداً نوعياً. ومع تقديرنا وتثميننا للكشف عن أوكار الإرهاب الذي نجحت فيه أجهزتنا الأمنية، إلا أن تنامي ظاهرة الإرهاب وخطاب الكراهية يحتاج إلى تصور شامل يشارك فيه الجميع، أما كيف فذلك ما سنسعى للحديث عنه لاحقاً.