قريبا سيتم رفع الحظر الدولي عن إيران بعد اتفاقها النووي إلا أن حظر شراء المعدات والخدمات النووية سيستمر لمدة 5 أعوام قادمة، والأهم من ذلك أن حظر شراء إيران «للأسلحة والصواريخ» سيستمر لمدة 8 أعوام.
رفع الحظر الدولي عن إيران سيعود عليها ببعض المكاسب الاقتصادية بحيث ستسترجع أموالها المجمدة بالخارج والتي تقدر بـ 100 مليار دولار، وستستأنف تصديرها للبترول والغاز ومن دون قيود حصصية من مجلس الأمن، إلا أن إيران ستواجه أيضا بعض التحديدات الاقتصادية المتمثلة في استمرار انخفاض أسعار البترول على المدي القريب، وقدرتها المحدودة على إنتاج البترول بسبب حقولها النفطية المتهالكة والتي بحاجة ماسة لصيانة وتطوير سيكلفها من الوقت والمال الشيء الكثير.
ومن المؤكد أن إيران لن تعود لها قوتها العسكرية والاقتصادية في المدي القريب، وسيظل ميزان القوى يميل لصالح دول الخليج العربي، ولكن سيبقى أمام الخليجين التحدي الاستراتيجي، وهو الإسراع في إعادة تشكيل النظام الإقليمي وتقليص النفوذ الإيراني فيه، قبل انتهاء مهلة «الثماني سنوات» للحظر العسكري على إيران وقبل انتعاش اقتصادها والذي سيساعدها في الصرف على حلفائها بسخاء.
ومن اهم الملفات بنظامنا الإقليمي الملتهب والتي بحاجة «لإعادة ترتيب» بحيث يضمن من خلالها تفوق النفوذ الخليجي على الإيراني هو «الملف السوري والعراقي واليمني»، تلك الدول التي يختلط فيها الإرهاب بكل أنواعه مع التدخل الخارجي.
في الملف السوري، وبالنسبة لتصريحات الرئيس الأميركي الأخيرة والتي أكد فيها أن «روسيا وإيران باتتا تدركان أن الرياح لا تميل لصالح الأسد»، «وأنه يرى بارقة أمل للحل السياسي للأزمة السورية»، يمكن اعتبار هذه التصريحات جاءت بعد ظهور بشائر انتصار المقاومة السورية على قوات النظام السوري المتهالك والذي لم يعد يسيطر إلا على ١٥% من الأراضي السورية وفق تقارير دولية.
ما يهمنا كخليجيين أن تنتهي الأزمة السورية الإنسانية سريعا، وأن يأتي نظام سوري جديد، لا يهم ان يكون معنا، ولكن الأهم ألا يكون مع إيران.
وفي الملف العراقي، «داعش» والنفوذ الإيراني هما التحديان الرئيسيان فيه، جرب العراقيون الحل العسكري واستخدام القوة ولم ينفع ذلك، فليجربوا بعض الحلول السياسية، كتطبيق النظام الفيدرالي الذي يعزز من مفاهيم الاستقلالية والحرية التي حرموا منها بسبب الديكتاتورية والمركزية والطائفية التي أشاعت الفساد وجلبت الإرهاب بكل طوائفه.
وحدها الديموقراطية الحقيقية التي ستخلص العراق من الفساد والإرهاب والتبعية، وهنا يأتي الدور الخليجي بالضغط على أميركا لفرض إصلاحات سياسية ودستورية تحقق مصلحة العراقيين والتي هي في النهاية مصلحة الخليجيين.
وفي الملف اليمني تتوالي الانتصارات، فمن تحرير مدينة عدن إلى تعز وأبين باتجاه الشمال، جيش يمني كبير ومتطور أوجده التحالف العربي في غضون بضعة أشهر، وشجاعة وإصرار أظهرتهما المقاومة الشعبية مقابل تفكك تحالف المتمردين من أنصار المخلوع علي صالح والحوثيين.
الأمور في اليمن تسير في الاتجاه الصحيح ونحو هزيمة أنصار إيران، فالتحرك السريع والحازم والمفاجئ من السعودية سهل من هزيمة أنصار إيران.
٭ ختاما: ربما أعطى الحلفاء الغربيون لدول الخليج العربي، بقصد أو دون قصد ومن خلال الاتفاق النووي، مهلة يستطيعون من خلالها أن يعملوا على مواجهة النفوذ الإيراني بالمنطقة وتقليصه، بالإضافة للسماح للخليجين بتنمية قدراتهم العسكرية من اجل ضمان استمرار تفوقهم على الإيرانيين في المستقبل، فيجب أن يعمل الخليجيون بكل طاقتهم لتحقيق ذلك، فربما تكون هذه الفرصة الأخيرة المتاحة لهم للنجاح في صراع النفوذ.