تجاوز عدد سكان الأرض7 مليارات، نصفهم من النساء، اللاتي كن تاريخيا الطرف الأكثر تعرضا للتفرقة والظلم! ولو استبعدنا المجتمعات البدائية لوجدنا أن المرأة تعامل بدونية في غالبية دول العالم، وتكلف بأعمال يرفض الرجل القيام بها. ونجد أن التقاليد طالما لعبت الدور الأكبر في ترسيخ هذا الوضع، وجاءت النصوص الدينية لترسخها أكثر! ولكن التقاليد مقدور عليها، فمهما كانت درجة تخلفها لكنها قابلة للتطور، ومثال ذلك سويسرا، التي كانت حتى 1971 تمنع المرأة من المشاركة السياسية! وبالتالي فإن المشكلة تكمن في الدول التي تهان فيها المرأة طبقا لأعراف شرعية، حيث نجدها الأقل قابلية للتغيير، لا بل اصبحت مؤخرا، بفضل الصحوة الدينية، أكثر تشددا في التعامل معها وميلا لحرمانها من حقوقها، فقد كان للمرأة، مثلا، دور مهم وبارز في دول كأفغانستان وإيران وتونس ومصر، ولو قارنا وضعها اليوم بما كانت تتمتع به من حقوق قبل نصف قرن لوجدنا تراجعا كبيرا، على الرغم من أنها سبقت سويسرا ودولا عدة اخرى في منح المرة حقوقها السياسية! هذا التمييز في المعاملة انعكس سلبا على حقوقها الأخرى من نفقة وتبن وتعليم واختيار الزوج أو حتى الحق في التنقل بحرية والعمل. ويمكن القول من دون تردد إن جميع الدول الإسلامية، من دون استثناء، لا تتمتع فيها المرأة بنصف ما يتمتع به الرجل من حقوق، وإن كانت تتمتع بوضع أفضل قليلا في تونس وتركيا، ولكن حتى في هاتين الدولتين فإن حقوقها معرضة للانكماش! وبالتالي نجد أن ما تعرضت له الفتاة الباكستانية البريئة «ملالا» من محاولة خنق صوتها برصاصة في الرأس، سبق أن تعرض له مئات ملايين النساء والفتيات في عالمنا العربي والإسلامي على مدى قرون وقرون، فنعت المرأة بالعورة، ووصفها بالنجاسة، لا يقل ألما عن إطلاق رصاصة حية على الرأس. فالمتخلفون المتشددون، وأمثالهم هم الغالبية في مجتمعاتنا، والكويت بالذات، وهم يعلمون جيدا أن توفير التعليم للفتاة يعني فتح عينيها على حقوقها المسلوبة وعلى إنسانيتها المنتهكة ورفض وضعها كمتاع وأداة استمتاع وتفريغ طاقة جنسية، وسخرة، أو أنها ناقصة عقل ونجسة! وبالتالي لم يكن غريبا القرار الذي صدر عن سلطة الملالي في إيران بمنع الإيرانيات من دراسة أهم 77 تخصصا في الجامعة كالفيزياء والكمبيوتر والأدب الإنكليزي والاقتصاد والهندسة والمحاسبة، وتركت لهن الفتات فقط لدراسته! فما شهدته شوارع إيران من مشاركة واسعة للمرأة في الاحتجاج على سياسات الحكومة، والمطالبة بحقوقها كإنسانة، أدخل الرعب في قلب السلطة وبين لها خطأها المميت عندما سمحت للمرأة بتلقي التعليم العالي، وبالتالي رأت من الضروري إعادتها للدرك الذي كانت عليه، والذي تستحقه، حسب فكرهم الديني! وبالتالي فملالا ليست الاستثناء، بل ما هي إلا مثال ودرس لكل من تتجرأ على المطالبة بحقها، ولو في التعليم! وإن سمحنا للمتخلفين المغالين في تطرفهم الديني بالوصول الى الحكم في دولنا، فعلينا توقع مئات الجرائم المماثلة لجريمة محاولة قتل ملالا!
أحمد الصراف
www.kalama nas.com