لايزال تاريخ 2 اغسطس الأسود يوما مرسوما بالذاكرة وفي كل عام يذكرنا بالغزو العراقي الغاشم على بلدنا المسالم الكويت.
في هذا اليوم تعود الذاكرة تلقائيا الى الوراء وإلى ذكريات الماضي الأليم خاصة على كل من عاش تلك الحقبة التي تجعلنا نستذكر بطولات شهدائنا الابرار الذين نحتوا بدمائهم الطاهرة عنوانا وطنيا يتمثل في ملحمة الفداء والولاء للوطن، ومن هنا نرى اللوحة الأليمة التي رسمت بريشتها البطولات الحقيقية البعيدة عن المصالح الضيقة التي باتت عنوانا عريضا للبعض في هذه الايام للأسف.
ربع قرن مر على الغزو الغاشم، فماذا صنعنا؟ وهل استفدنا من هذه الحدث الأليم؟
ما دمنا نعيش هذه الذكريات، فلا بد ان نذكر انفسنا عندما فقدنا بلدنا في يوم وليلة، ماذا كان حالنا، وكيف ننظر لمستقبل ابنائنا.
فعلا كان درسا ينبغي على الكل ان يسفيد منه وتحديدا «الحكومة والشعب» ولو عدنا لتاريخ المصائب التي حلت بالعالم، فسنجد معظم الدول ابان الازمات استفادت من المصائب التي حلت بها وحولت تلك المصائب الى انجازات ابهرت العالم وذلك جاء بالارادة والحب والولاء الحقيقي للوطان، وافضل مثال على ذلك اليابان بعد الهجوم الأميركي النووي على هيروشيما وناجازاكي في نهاية الحرب العالمية الثانية في أغسطس 1945، وهنا اكرر هذا السؤال بعد الغزو العراقي الغاشم هل استفدنا من الدرس كباقي الدول؟
للاسف اقولها بحرقة قلب يتألم، مازلنا نعيش وكأننا من غير ذاكرة ولا نحمل اي دروس حقيقية، ومازلنا غير قادرين على استيعاب ما حصل لنا، خاصة انها اكبر مصيبة مرت على تاريخنا، لذا كان الاولى ان يتم التركيز على بناء الانسان الكويتي نحو العمل والانجاز من خلال خطة عمل تأهيلية تحقق لنا وطنا يعتمد على الطاقات الوطنية في جميع المجالات، وذلك يأتي من خلال التعليم المتميز ورعاية المتفوقين، وفتح سوق العمل بما يتوافق مع الكفاءات الوطنية والعمل على تأهيلها في المجال الاقتصادي الذي يتيح لنا مصدر دخل آخر يضاف الى دخل النفط، وهذا ما عملت عليه دولة الامارات ونجحت في تجربتها، وحتى نصل لتلك المحطة علينا محاربة الواسطة التي دمرت البلد وجعلت البعض من غير المؤهلين في مرمى المناصب ومتخذي القرار.
الكويت بعد ربع قرن من الغزو بحاجة الى ضمير كل مواطن يكون جل اهتمامه هو الحفاظ على البلد ويقدم الغالي والنفيس والعمل والانجاز من أجله، وهذا الامر لم ولن يتحقق ابدا ما دمنا نعيش حالة الفزعات والولاءات القبيلة والطائفة والعائلة والحزبية الفوضوية والتي لا تنم عن اي ثقافة ديموقراطية، وهذا البلاء مازال يحيط بنا من كل الجوانب وبصناعة افكارنا الضيقة، وللاسف ممارستنا للديمقراطية مبنية على مصالح خاصة جعلتنا في حالة فوضى، فماذا قدمنا لبلدنا بعد التحرير من انجاز يذكر؟
نتمنى ان يكون يوم 2 اغسطس حالة تحول وطنية منها نستذكر الغزو ومنها نبني قاعدة متينة لتأسيس وطن متجدد على سلم وطني حقيقي بعيدا عن النعرات والفزعات والاقصاءات لأي فئة من فئات المجتمع، وعلى الكل ان يدرك أن الكويت تحملت من خارج حدودها اكثر من ثلاثة ملايين وافد، فهل هي عاجزة عن احتضان مليون و300 ألاف من ابنائها؟
اخيرا لا اقول إلا جملة واحدة تعني لي الكثير ومعانيها راسخة في عقلي: «ضعوا الكويت اولوية بدلا من اولويات زائلة إن كنتم تسعون لبلد دائم يحمل كل طيات الكرامة والخير لكم».