«نصحت ونحن مختلفون
دارا ولكن كلنا في الهم شرق»
(أحمد شوقي)
***
قمت بعدّ المرات التي طالبت فيها الحكومة والسلطة، على مدى 20 عاما، إن من خلال مقالات أو مقابلات تلفزيونية أو صحفية، بالتحرك، وفعل شيء فيما يتعلق بالطريقة التي تقوم بها الجمعيات، المسماة بالخيرية، بجمع التبرعات ومراقبة مصادر أموالها وطرق صرفها واستثمارها، وما يستقطع منها «للقائمين» عليها، فوصلت للرقم 322، توقفت، بعد أن تعبت من العد(!!) 322 مرة، وغيرها مما كتبه غيري من الزملاء، أو ورد على لسانهم في خطب ومقابلات، مطالبين الحكومة بمراقبة أنشطة الجمعيات والمبرات، وطريقة جمعها واستثمارها للأموال، ومراقبة ما يقوم به بعضها من أنشطة لا تتفق والمسموح لها القيام به، واستمرارها، سنة بعد أخرى، بارتكاب كل أنواع المخالفات، من دون ان تجرؤ جهة على وقفها، أو على الأقل توقيع اية عقوبة عليها، او تنفيذ ولو %1 من تهديدات إغلاقها وسحب تراخيصها! يحدث ذلك بعد كل عيد ومناسبة دينية! ولكن لم تلتفت الحكومة يوما لأي من مطالباتنا التي ذهبت سدى! وجدير بالذكر أنني لم استثن في مقالاتي ما يجمع باسم الخمس! والآن وبعد أن وقع الفاس بالراس، وبدأ الدم بالجريان، وبعد أن عز الدواء وصعب العلاج، علمنا من القبس بأن الحكومة ستبدأ باتخاذ إجراءات جادة لما وصف بـ «تجفيف منابع القوى والتيارات الدينية في البلاد»! وأن هذا التحرك يستهدف أولاً ضبط عمليات جمع الأموال لجمعيات خيرية تتعاطى الشأن السياسي، وكذلك ضبط هيئات حكومية تستغل أموال التبرعات فيها، لدعم جهات معينة.
مؤسف أن يتأخر هذا التحرك، الذي نحن على يقين بأنه لن يسفر عن شيء في نهاية الأمر، هذا إن بدئ بالتحرك أصلا، ومؤسف أن تعلن الحكومة عن «نيتها» في أمر لا يحتاج لنية، ولا لسوف أو سنفعل أو سنقوم، بل يحتاج لتحرك سريع فقط، فما يصرف حاليا على تنظيم المسيرات وترتيب التظاهرات المضادة للسلطة، هي الأموال نفسها التي سمحت السلطة نفسها لتلك الجهات بجمعها وتخزينها واستثمارها!
إن الورم السرطاني المسمى بالإخوان، وبعض الجمعيات الخيرية لم يكبر خلال يوم وليلة، فهو، كأي سرطان آخر، أخد وقته ليكبر وينمو، قبل ان تكتشف خطورته، ويصبح مميتا، او شيئا من هذا القبيل، وكحال اي ورم سرطاني، يجب ألا يترك ليأخذ الوقت نفسه الذي استغرقه نموه، بل يتطلب الأمر القضاء عليه بالاستئصال الفوري، ولكن من الذي يمتلك مشرط الجراح، وعلى استعداد لاستخدامه، ووضع حد لتسلط خرب كل شيء تقريبا، وطال لأكثر من نصف قرن؟
***
ملاحظة: المشكلة أن الجهات الرسمية المعنية لا تقرأ ما يقوله المنشقون عن الإخوان، أو ما يكتب عن مخططاتهم للاستيلاء على السلطة في أكثر من بلد، وبالتالي يضطرنا الأمر إلى أن نكتب لهؤلاء ما يقوله أولئك، ولكن بما أنهم لا يقرأون أصلا، فلمن نكتب إذن؟
أحمد الصراف