الكويت.. دولة صغيرة في مساحتها، كثيرة الموارد، قليلة الكثافة السكانية. لديها أموال طائلة، ومورد نفطي يتعبر شريان الحياة للعالم أجمع. تمتلك من المداخيل ما يسد به عين الشمس (ما شاء الله تبارك الله). ولكنها في نفس الوقت تعاني من مشاكل لا تعد ولا تحصى؛ فساد منتشر، مرافق صحية متهالكة، بنيه تحتية قديمة، مرافق تعليمية عفا عليها الزمن، أزمة في توفير المساكن، تراجع الحريات العامة، غلاء أسعار، غياب مشروع المواطنة، ضعف العدالة الاجتماعية، تأخر إنجاز المشاريع، انجاز تنموي مفقود، التجار أولاً والشعب أخيراً… والكثير الكثير من المشكلات.
ولكن هل تعلم عزيزي القارئ أننا في الكويت ليس لدينا أي مشاكل مالية تمنعنا من حل تلك المشكلات وتجاوزها، بالرغم من تهويل وتضخيم السلطة بأن الدولة مقبلة على أزمة مالية كبيرة نتيجة انخفاض أسعار النفط «حجي فاضي»، رفعوا الدعم عن الديزل فوفرت الدولة بذلك نحو 280 مليون دينار كويتي، ولكن في نفس الوقت تمت حماية التجار من انخفاض اسعار سلعهم، وخسر المواطن وحده بذلك نحو مليار دينار كويتي، ولك أن تعرف في هذا الصدد أن سعر متر «العازل» الذي يستخدم في عمليات البناء والتشييد قد ارتفع من 2.5 دينار كويتي إلى نحو 6 دنانير كويتية … أنه مجرد مثال.
لماذا المواطن يتحمل كل هذه الكلفه الناتجة عن سوء إدارة الدولة؟!
مع العلم أن صناديقنا السيادية تحتوي على مئات المليارات وهي تسيح في الأرض من مشارقها إلى مغاربها، ولك أن تعرف أن الكويت تمتلك أكثر من 548 مليار دولار في الصندوق السيادي الذي تديرة فقط الهيئة العامة للإستثمار، وهي أموال لا يسمح بمراقبتها من أي طرف، وإن كان هناك مراقبة فهي صورية أو شكليه غير فعالة، وهي أيضاً لا تدخل ضمن موازنة الدولة العامة لا في أرباحها ولا خسائرها «وين الشفافية يا جماعة»، كما يحتل ذلك الصندوق المتخم بالمليارت المركز السادس عالمياً ضمن تصنيف أكبر 20 صندوق سيادي في العالم في ديسمبر من عام 2014، هذا بالإضافة إلى أن مجموع الفوائض المالية الصافية للدولة منذ عام 2000 وحتى عام 2014 قد بلغ نحو 129 مليار دينار كويتي، وأيضاً إذا ما افترضنا بأن سعر برميل النفط عند 35 دولار سيكون دخل الدولة من مبيعاته نحو 35.77 مليار دولار سنوياً في حال كان انتاج الكويت 2.8 مليون برميل نفط يومياً، علماً بأن أكثر موازنات الدولة إنفاقاً قد بلغ نحو 19 مليار دينار كويتي. أضف إلى ذلك بأن الدولة تتصف بالكرم اللامحدود في تمويل الخارج في المقابل أنها تعد أقل دول الخليج انفاقاً على تنفيذ مشارعها الداخلية «خيرنا لغيرنا».
أين المشكلة؟!
المشكلة تكمن – كما قلنا ونقول تكراراً ومراراً- في سوء إدارة شؤون الدولة والمجتمع، وعدم القدرة على السيطرة والتحكم في التغيرات والأحداث، وذلك لضعف واضح في التشكيل أو الفريق الحكومي، الذي لا يتمتع بالقدرة، وضعف تجانسة، وضعف الوعي والفهم العميق والإدارك في مجال الإدارة والتطوير واحترافية وضع وتنفيذ السياسات، وفي نفس الوقت وجود برلمان فاقد للشرعية صوري شكلي غير قادر على المواجهة همه الوحيد التطبيل للحكومة وحمايتها من أي مساءلة ورقابة، وذلك بهدف حماية مصالحة الشخصية، على حساب مكتسبات ومقدرات الأمة «باختصار ليسوا نواب بل مناديب لا أكثر».
ما هو الحل؟!
إن الحل يكمن في الإرادة الشعبية الضاغطة والمؤثرة التي تجعل السلطة تستفيق من سباتها، وترجع الأمور لنصابها، تلك الإرادة التي نتج عنها إقصاء رئيس وزراء سابق فشل في إدارة شؤون البلاد، تلك الإرادة التي غيرت من قانون الانتخابات، تلك الإرادة التي جعلت أهل الكويت ينزلون للشوارع ليعبروا عن رأيهم الرافض للنهج الفردي الذي قابله قنابل الغاز والمطاعات من قبل السلطة، لقد كانت لنا كلمة يهابها الجميع، ويعمل لها ألف حساب، متى عادت ستتغير الأمور… الشعب هو الحل.
ولكن كما يقال ليس كما أردد دائماً بأن:
لقد أسمعت لو ناديت حياً
ولكن لا حياة لمن تنادي
بل أقول:
إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر