محمد الوشيحي

تسفك دمي 
في الاشهر الحرم

دخيل ربك، دع كل ما بين أصابعك وموابعك، على رأي عبد الفتاح القصري، وتعال اجلس إلى جانبي، وأشعل لنا سيجارة من صنع أحفاد هتلر، نعدل بها الكيف المائل، ونستحضر الفن الإماراتي، وشموخ الشعر الإماراتي، الأفضل خليجياً بلا مصارع ولا مقارع.

ألم تستمع، لا أبا لك، إلى رائعة الشاعر حميد بن سعيد النيادي «مجرم الحب»، التي غناها الصوت الإماراتي القح عيضة المنهالي؟… كنت في لبنان عندما تلقيت «سي دي» هدية من إحدى الكائنات الثديية المترفة، مصحوباً بتحدٍّ شرس»أنتم يا الكويتيين ما ترومون تييبون شراة هاي الأغنية» أي لا تستطيعون الإتيان بمثل مستوى هذه الأغنية، مع توصية بأن أستمع – تحديداً – إلى أغنية «مجرم الحب»… فأدرت «مسجّلة» السيارة، وتوجهت إلى حيث ينتظرني صديقي الذي دعاني إلى الغداء على قمة جبل، ولم أشعر بنفسي إلا ورأسي يتمايل طرباً مع الأغنية المكتملة الروعة، شعراً ولحناً وغناءً، فأعدت سماعها، مراراً ومدراراً، وأخذت الطريق «رايح جاي»، أو رائحاً جائياً، كما في الفصحى، ولولا الحياء ما نزلت من السيارة… خذوا كلماتها دخيل ربكم، واقرؤوها بلهجتها الأصلية التي تفهمونها، وسأتكفل أنا بشرح بعض مفرداتها لغير الخليجيين:

للحرب مجرم وحتى الحب له مجرم

يا مجرم الحب أنا وش ذنبي وجرمي

خلّيت نار الجفا في داخلي تضرم

وارماني* الوقت وانته بالجفا ترمي

رمي الجمارة * بكفّ الناسك المُحْرِم

ترمي وتسفك دمي في الأشهر الحُرْمِ

ماقساك ماغلاك وانت المجرم المغرم

وتقول للنار هيا شبّي وضرمي *

وأنا وفيّ(ن) على العهد الذي مُضرَم

واقول للنفس صوني العهد واحترمي

غرايسٍ يانعة في القلب ما تصرم

ما تشبه التين والرمّان والكرْمِ

والحب فتّاك في العشاق من يعرم

يا كمّ بكّى شجاعٍ فارسٍ قرْم *

وأجزم وأقسم على أن أزهار الشعر لا تنمو في أرض شعبها مفتت، وحكومتها فاشلة، و»كدْشها تُقدّم على أصايلها»، ولا يحلق الخيال في سماء دولة ترى كل مجموعة نفسَها أوْلى من غيرها، وأنها الأكثر «كويتية» من غيرها، فهذه النائبة «حضرية» من «القواعد من النساء» كما يقول رجال الدين، يشاركها الرأي ذكور هم أيضاً من فصيلة «القواعد من النساء»، يسمّون أنفسهم «أهل الكويت»، على اعتبار أن الشريحتين الأخريين من أهل السعودية أو العراق أو إيران، ووالله لا أعرف «حضريّاً» واحداً من ذوي القيمة والشموخ يقول ذلك. ويرد عليهم مجموعة من أبناء «القبائل» يرون أنهم هم «أهل الكويت» والدليل دماء أجدادهم التي أريقت دفاعاً عنها، ووالله لم أسمع عاقلاً قبليّاً له وزنه يقول مثل هذا الكلام.

يا سيدي، أو يا أيها الكائن الفارع الطول الناعم العود الثقيل الرمش، صدقت، نحن «ما نروم» نأتي بمثل هذا الفن، ولا حتى دون ذلك، ففي المأتم يعلو النحيب وتختفي ضحكات الأطفال… سنتحداكم بعد انتهاء المأتم…

ارماني: رماني الجمارة: الجمرات ضرمي: من إضرام النار

القرم: ذو النخوة

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *