الكويت لديها «أوفردوز» أو جرعة زائدة من الوطنية تعكسها الأغاني الوطنية التي تذاع آناء الليل وأطراف النهار وكأننا في حرب دائمة مع أعداء غير منظورين، ومن يسمع تلك القصائد التي تتغزل بحب الوطن والرغبة بالتضحية لأجله بالنفس والنفيس والغالي والرخيص، لا يصدق بحق أن من تدمع عينه، وهو يسمع تلك الأناشيد المعبرة، يقوم بذلك ويده تنهب وتسرق وتخرب وتدمر وطنه.
***
ولا أذكر في هذا المقام أن هناك شبيها لتلك الأغاني الوطنية في الدول المتقدمة ذات الوطنية الحقة، فلا نسمع على سبيل المثال أغاني على شاكلة «أنا بريطاني أنا، أنا قول وفعل وعزومي قوية، أنا بريطاني أنا تشهد لي واترلو والشعوب الفرنسية»، أو نشهد أميركاني أو ياباني تتخدر أنامله وأطرافه عند سماع الأغاني الوطنية، إلا أنه مع وصول ساعة الحقيقية يولي الأدبار مع أول رصاصة توجه للوطن الذي يتغنى به.
***
ورغم أن أمم الأرض غزيت وتحررت مرات عديدة في تاريخها، إلا أنها تختار «يوما واحدا» لأعيادها الوطنية قد لا يكون حتى يوم تحررها كحال احتفالات فرنسا بيوم سقوط الباستيل، وأميركا بعيد الشكر، وكثير من دول المنطقة بيوم تغيير نظام الحكم فيها لا استقلالها أو تحررها، في بلد الوطنية الزائدة، إذا لم نقل الزائفة التي لا تمنع السرقة أو التخريب، تم اختيار يومين لا واحد للاحتفالات الوطنية، ولو كان لي من الأمر شيء لألغيت احتفاليات يومي 25 و26 فبراير واستبدلت بهما يوم «إطفاء حرائق النفط» لألف سبب وسبب!
***
آخر محطة: تعقيبا على ما ذكره الزميل الفاضل د.وائل الحساوي ضمن مقاله الأخير في الزميلة «الراي»، والذي تطرق فيه إلى حوارات مست سلامة الطيران مؤخرا، ومتسائلا: لماذا تستخدم طائرات شديدة القدم؟ نذكّر بأن تلك الطائرات يفترض أن تكون قد استبدلت، ومنذ مدة بطائرات «الجيت ايرويز» التي لا يزيد عمرها على 5 سنوات، والتي ستستخدم «مؤقتا» حتى وصول الطائرات الجديدة.