لم يكن مستغربا على الاطلاق الوداع العالمي غير المسبوق للرئيس نيلسون مانديلا الحائز جائزة نوبل للسلام و250 جائزة دولية اخرى والذي اجتمع لوداعه رؤساء اميركا وكوبا، وافغانستان وزيمبابوي، رغم التباينات والخلافات والصراعات القائمة بينهم، الا انهم و100 رئيس عالمي آخر اجتمعوا على توقيره وتمجيده وتخليده.
***
ولد نيلسون مانديلا العام 1928 منتميا لقبيلة كوسا (الكوسا والله عربنا) ومن الفرع الملكي الحاكم في القبيلة المسمى تيمبو، وحاز شهادة الحقوق ثم بدأ نشاطه السياسي، فحوكم بتهمة الخيانة العظمى اعوام 1956 ـ 1961 (الخيانة العظمى عند عربنا)، وفي العام 1962 زار الرئيس عبدالناصر في القاهرة ثم الرئيس ابورقيبة في تونس الذي منحه 5 آلاف جنيه استرليني تشجيعا له على النضال، ثم زار ثوار الجزائر وصور معهم في الصحراء قبل ان يعود لبلده ليحكم عليه بالسجن المؤبد، حيث امضى 27 عاما في السجون المرعبة لا الفنادق الفخمة كحال مناضلينا، ولم يتزوج شقراء اسمها سهى او ملكة جمال اسمها جورجينا وسيدة متزوجة تدعى سميرة شهبندر، ولم يملأ حساباته الشخصية بثروات شعبه.
***
في فبراير 1990 وبينما نحن مشغولون بالكويت بفعاليات دورة الخليج وعدم فهم مغزى انسحاب الفريق العراقي بعد تعديه المقزز على الفريق والجمهور الكويتي (لا يجرؤ على عملها الا بأوامر من عدي) ومعها عدم استيعاب رسائل التهديد التي حملها اكثر من مبعوث صدامي آنذاك، تم اطلاق سراح مانديلا، وفي العام 1994 انتخب رئيسا لجنوب افريقيا، وقرر التبرع بثلث دخله للاطفال المرضى، ثم قرر الا يترشح لولاية ثانية وان يتفرغ لنشر السلام في العالم والكتابة والقاء المحاضرات للساسة.
***
آخر محطة: 1 ـ في احدى خطب الرئيس جورج بوش الابن وردا على من طلب منه اطلاق سراح صدام حسين كما اطلق النظام الابيض سراح نيلسون مانديلا قبل ذلك، اجاب بانه يأسف كون صدام حسين اعدم جميع مانديلات العراق، لذا لم يبق احد في الشعب العراقي الا يريد الانتقام منه.
2 ـ احد الشخصيات التي شكلت فكر مانديلا في شبابه وجعلته لا يحمل كثيرا من الحقد على البيض كما اتى في كتاب ذكرياته المسمى «المسيرة الطويلة للحرية»، هو الشيوعي اليهودي الابيض نات بريغمان الذي فتح له كثيرا من آفاق العمل والدراسة والحوار مع الشيوعيين والليبراليين البيض.
3 ـ لا يوجد للاسف في مسيرة النضال العربي المعاصر شخصيات مؤثرة مثل نيلسون مانديلا في تضحياته واخلاصه وحبه لوطنه وتسامحه مع اعدائه.