استضافنا قبل مدة الزميل د.عبدالله الشايجي في الحلقة الاولى لبرنامجه الشائق «الطريق الى البيت الأبيض»، ومما ذكرته في تلك الحلقة تذكيره بما قلته قبل أربع سنوات ضمن نفس البرنامج وقبل ظهور نتائج الانتخابات بين أوباما وماكين من ترجيح فوز الأول وما سيحدث في المنطقة العربية كنتيجة لذلك الفوز المرجح.
***
حينها ذكرت أن الرئيس المحتمل أوباما يمثل فكر اليسار الأميركي الذي يعكس آراء مستشار الأمن القومي الأسبق د.زبنغيو بريجينسكي، وان معرفة المستقبل تعني ضرورة النظر للماضي، أي ما حدث ابان حقبة ذلك المستشار الذي عمل بشكل لصيق مع الرئيس كارتر فتساقطت الأنظمة اليمينية الموالية للغرب بفعل ثورات الشعوب كما حدث في إيران وغيرها، وكان للإعلام الليبرالي الأميركي دور مهم في تلك الثورات، كما كتب د.بريجينسكي في منتصف التسعينيات كتابه الشهير «الفوضى على أعتاب القرن 21» الذي تنبأ فيه بأن فوضى عارمة ستسود منطقة الشرق الاوسط التي ستشتعل بها الحروب الدينية والطائفية والعرقية والتي قد تستخدم بها أسلحة الدمار الشامل.
***
والتقيت بشكل مطول قبل أيام بوفد صيني زائر يمثل «المنظمة الصينية للتفاهم الدولي» وهي مستودع عقول صيني فاعل أسس عام 1981 له تأثيره الموجب في رسم سياسة الصين الخارجية، ومما قلته للوفد إن ثقافة «المغفرة والنسيان» غير معمول بها لدى العرب الذين مازالوا يذكرون ويكرهون الانجليز بسبب إصدارهم وعد بلفور عام 1917 رغم جهود الانجليز الفاعلة لوحدة العرب (وحدة مصر والسودان، وحدة امارات الجنوب اليمني، وحدة دول الهلال الخصيب، وحدة دولة الامارات، إنشاء الجامعة العربية… إلخ)، كما يذكرون ويكرهون الأميركان رغم أنهم لم يستعمروا العرب قط، بل هم الداعم الاول للتنمية في الوطن العربي، كونهم كانوا يستخدمون حق الفيتو بوفرة ضد القرارات الدولية التي تدعم القضية الفلسطينية أو تدين بعض الاعمال الاسرائيلية.
***
وذكرت للوفد أن سورية أكبر مساحة من فلسطين بمرات عدة كما أن عدد سكانها يفوق بكثير عدد الفلسطينيين، وعليه فإن تدهور الأوضاع في سورية الى حدود الحرب الاهلية والانشطار والتفتيت، كما نتوقع ويتوقع بعض المحللين، سيجعل الصين تدخل في التاريخ والذاكرة العربية وبسبب حق «الفيتو» الذي تستخدمه هذه الايام تجاه القرارات الدولية المختصة بسورية بشكل سيئ وسالب، كما دخل قبلهم الانجليز والأميركان وان الوضع الامثل للصين كان يقتضي منها إما الوقوف مع الشعب السوري والشعوب العربية المتعاطفة معه، أو على الاقل التزام الحياد بين القاتل والضحية كما تم ابان الثورة الشعبية ضد القذافي، وذكرت أن الصين مؤهلة لقيادة عمل يوحد الجهود في قارة آسيا ويقرب شعوبها ويساعد على إنهاء خلافات دولها كحال الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وبقية الاتحادات القارية الاخرى.
***
آخر محطة: سيفوز الرئيس أوباما في الانتخابات المقبلة، وستزداد الاوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية سوءا في دول الشرق الأوسط، وستشهد بعض دولنا «ربيعا خليجيا» كحال الربيع العربي الذي أحال الانظمة المستقرة (ديكتاتورية أو حتى ديموقراطية) الى دول فوضى وحروب ودمار سينتج عنها في النهاية بلقنة دائمة وإعادة رسم خرائط وانشغال كل دولة بداخلها لأجل غير مسمى.. العرب بحق هم.. آخر الهنود الحمر!